نشهد الآن تطوراً ديناميكيا على مستوى العالم بأكمله في الرياضة. وتتنافس المزيد من البلدان الان عند اعلى مستوى معروف وأدى هذا بدوره الى زيادة كبيرة في عدد المشاركين بالمستوى المتقدم اضافة الى كثرة المباريات مما ادى تحطيم القياسية المسجلة. ان دورة الالعاب الاولمبية وبطولات كأس العالم والبطولات القائمة واللقاءات الودية الرياضية الدولية الهامة الاخرى تكتسب جميعاً وعلى نحو مستمر قوة في بنائها وأهمية متزايدة. ولهذا السبب، أصبح التنبؤ بالفائزين في المباريات صعباً أكثر فأكثر.
وقد كان التقدم في المباريات ذات المسافة المتوسطة والطويلة كبيراً، لاسيما في حالة المباريات النسوية. وتعد اسباب هذه الحالة معروفة، من ناحية اولى لاختيار الحسن للانتقاء والتدريب الافضل، ومن ناحية اخرى، عوامل موضوعية وذاتية مثل المكافآت المالية التي تزود دافعية كبيرة لاداءات (تسجيل الرقم القياسي). اضافة الى ذلك، التطور الطبي المدعوم فقد كان تطوراً عالي المستوى، لاسيما فيما يتعلق بالميدان العلاجي (الدوائي) اضافة الى ذلك في حصل التدريب على المرتفعات على نصيب كبير وخصوصاً ما يتعلق بالمباريات.
ففي مباريات الركض ذات المسافة المتوسطة والطويلة، كانت احدى الطرق الفعالة في دعم الاحتياطي الوظيفي للرياضيين وتحسين مقدرتهم المهنية الخاصة هي التطبيق الصحيح للتدريب على الارتفاع. وقد اجريت العديد من البحوث والدراسات الفسلجية والبيولوجية والمنهجية بغية ايجاد مقاييس لهذا النوع من التدريب. وقد كتبت العديد من الكتب والمقالات عن النتائج المتحققة، وقد كانت اغلبها متناقضة ومتضاربة. رغم ذلك، لا يوجد أي شك من امكانية تنظيم التدريب عند ارتفاع متوسط (1800م الى 2200م)، لأجل اجراء البطولات الهامة عند هذا الارتفاع، مع النظر الى وجود بعض الاستثناءات، التي تحتاج الى تحليل دقيق للغاية حيث يطور التدريب على الارتفاع تفاعلات تكيفية وبعض التغييرات في (الهيموستاز homeostasis) التي تحسن القابلية العملية للعدائين، عندما يتنافسون عند ارتفاعات اوطأ.
وان مشكلة نقص وصول الاوكسجين عندما تحدث وتقام النشاطات الرياضية عند ارتفاعات عالية، هي مشكلة قديمة، وترتبط المنشورات والإصدارات بها منذ زمن يعود الى 100 عام مضى وقد تعامل العديد من العلماء المعروفين مع هذه المشكلة منذ ذلك الحين. رغم ذلك، ومن وجهة النظر العملية، فإن مشكلة نقص وصول الاوكسجين الى انسجة الجسم البشري عند الارتفاعات قد درست دراسة مكثفة في السنوات القليلة الماضية، وما ذكر في الفصل الاول عن التطور التاريخي للتدريب في المرتفع خير دليل على ذلك حيث يتوضح لدينا ان الالعاب الاولمبية في عام 1955 درست ومن استنتاجاتها اختيار مقاييس ومعايير تأهيلية لدورة الالعاب الاولمبية للأمم الاميركية التي انتقلت في مدينة مكسيكو سيتي، عند ارتفاع 2240 م وللمحاولات الرسمية التي أجريت في (بولدر Boulder) وفي (كولورادو) عند ارتفاع يصل الى 1640 متر، خفض الانتقائيون الاميركيون المقاييس المحددة للدورة السابقة التي عقدت في (شيكاغو) بنسبة 3% لسباقات 800م، وبنسبة 8% لسباقات 5000م و 10000م.
ان الالعاب الاولمبية المنعقدة في مكسيكو سبتي في عام 1968 قد كانت فاتحة البحوث العلمية المباشرة والفورية والتجريب والمناقشات المتعلقة بمشكلات التدريب على الارتفاع.
وتظهر احصائيات التنافس والمباريات للسنوات القليلة الماضية ان الرياضيين الذين يعيشون ويتدربون عند ارتفاعات عالية (ولاسيما عند ارتفاع 2000م بصورة رئيسية) يتمتعون بميزة إيجابية.
اذا اخذنا بصفة الاعتبار العوامل الاخرى مثل المواهب الرياضية والفسلجية والدافعية والبيئة الاجتماعية والروح التنافسية والنفسية وكما موضحة في المخطط (1).
الشكل (1): يوضح العوامل التي تقرر وتحدد الفعالية الرياضية
ويظهر الشكل (2) حصة كينيا واثيوبيا في الميداليات المستحصلة عن سباقات الركض للمسافات الطويلة والمتوسطة في قائمة أفضل عشرة رياضيين في هذه المسابقه الرياضيه وأصحاب الميداليات في دورة الالعاب الاولمبية من عام 1956 الى الوقت الحاضر.
وينبغي ان نلاحظ بان النساء الصينيات (العداءات) هنّ ايضا ساكنات دائمات في المناطق ذات الارتفاع العالي. ورغم ما ذكر عن مستويات التدريب في يوجد هناك بعض الذين يختلفون مع مزايا التدريب على الارتفاع، الا ان الزيادة الكبيرة في المراكز الرياضية الجديدة الواقعة عند ارتفاعات عالية هو برهان على الاهمية المقدمة حاليا لهذه الطريقة في التدريب فقد وجدت منذ العام 1968، ثلاثة مراكز من هذا النوع في جميع انحاء اوربا وهي (بيلمكين) و(فونت روميو) (وزرا كادزور Tzahkader).
على ان البطولات العالمية الجديدة التي في المكسيك في عام 1997 اضافت بلا شك الى معارفنا وخبراتنا الشيء الكثير عن اثار الارتفاع على النشاطات البدنية وتساعد على توضيح افكارنا بشأن المشكلات المعينة.
شكل (2) نسبة أعلى أداء منجزة من قبل راكضي الكينيين والأثيوبيين