أسس وقواعد علم التدريب الرياضي

يختص علم التدريب الرياضي بجميع العمليات التدريبية وما يحيط بها من متطلبات أساسية وضرورية للإرتقاء بالأداء أو الإنجاز الرياضي . ونظراً لتعدد وتعقيد وتركيب تلك المتطلبات والإحتياجات , يصبح من الصعب تحقيق الأهداف التدريبية بصورة طبيعية أو إرتجالية إلا عن طريق تنظيم تلك العمليات التدريبية وتنفيذها بالشكل والصورة العلمية الصحيحة والمناسبة لأجل تنمية وتطوير الأداء الحركي والإنجاز الرياضي الفردي أو الفرقي في تلك الألعاب أو الفعاليات الرياضية.

لقد ساعدت الدراسات والبحوث والتجارب العلمية التي تناولت الإنجازات الرياضية بالألعاب والأنشطة والفعاليات الرياضية المختلفة, وكذلك التطور العلمي الذي صاحب العلوم الأخرى المرتبطة بالتدريب الرياضي, ساعدت جميعها على الإرتقاء بعلم التدريب الرياضي الذي يعد العمود الفقري للتقدم والتطور الرياضي الذي نشاهده اليوم , حيث أصبحت الناحية العلمية الركيزة الأساسية لتطور هذا العلم بالوقت الحاضر.

كذلك برزت لنا مشكلة في وضع الأسس والقواعد المهمة في علم التدريب الرياضي وجديرة بالبحث والتقصي وهي تضارب بعض التأثيرات والنتائج المتحققة من قبل الرياضيين نتيجة الخبرة مع النتائج المتحققة من إتباع الطرق والواسائل العلمية في تخطيط العمليات التدريبية . كما برزت لنا مشكلة أخرى وهي إستخدام المصطلحات والمفاهيم العلمية جرّاء دخول بعض العلوم في المجال التدريبي ومنها (الطبية والميكانيكا الحيوية والنفسية), حيث شكلت صعوبة لفهم وإدراك بعض العمليات الخاصة بها بشكل أثر على فهما وإستيعاباها, لقد قادت التعاريف الموضوعة لمثل تلك المصطلحات والمفاهيم إلى عدم وضوح وفهم وإدراك تلك العمليات والنتائج جيداً.

لذلك ولأجل توضيح المصطلحات والمفاهيم العلمية المستخدمة والمرتبطة التي يستند عليها علم التدريب الرياضي اليوم, تم تخصيص الجزء الأول والأساسي من هذه المحاضرات للتعريف بتلك المصطلحات والمفاهيم بواسطة الشرح المفصّل والجداول التوضيحية الخاصة بتلك المصطلحات والمفاهيم التدريبية.

أولاً : المصطلحات الأساسية لعلم التدريب الرياضي

التدريب الرياضي: هو عبارة عن عمليات مخططة تنفذ لأجل تغيير حالة الفرد إما (للحالة المثالية , أو الحالة الثابتة , أو للحالة الأدنى) للمكونات والعناصر المركبة التالية: اللياقة البدنية , المهارية التكنيكية , الخططية التكتيكية , النواحي النفسية ، وذلك لأجل رفع مستوى الأداء وتحقيق الإنجاز الرياضي الأفضل.

ويجب أن يرتبط التدريب الرياضي من الناحية الطبية البايولوجية بالتكيفات الحاصلة للأجهزة الحيوية للجسم كردود فعل فسيولوجية تأقلمية إيجابية لتلك العمليات التدريبية . فعلى سبيل المثال بالنسبة للتكيفات أو التغيرات الوظيفية الإيجابية الحاصلة نتيجة تدريبات التحمل هي تغيرات بالعمليات الأيضية لتجهيز طاقة الحركة لجسم الرياضي والخاصة بتبادل الغازات الداخلية كتغيرات وظائف (الخلايا أو الألياف العضلية, التشعب الشعيري الدموي, القلب, وما يصاحبها من تكيفات أخرى).

التدريب المّوجه: هو تطابق جميع متطلبات تخطيط العمليات التدريبية القصيرة والطويلة الأمد مع طرق تنفيذها , وكذلك نتائج السباقات غير الرسمية كالتجارب الخاصة والسباقات الرسمية المخطط لها مع الأهداف الموضوعة , وكذلك مع نتائج التقييم , مع مراعاة تحقيق الإنموذج الرياضي للمتدرب (وهو إمتلاكه للقدرة الإنجازية المثالية + الإستعداد الإنجازي العالي). (Fritz Z., Andrea E.: 2009).

وبالنسبة للتخطيط السنوي والمرحلي لعمليات التدريب (المراحل التدريبية الطويلة) وللدوائر التدريبية (الدوائر التدريبية المتوسطة والصغيرة الأمد) للعمليات التدريبية المتبعة , سوف تتطلب تقسيمات مختلفة وحسب تقويمات تلك الألعاب الرياضية.

التقويمات التدريبية الطويلة الأمد قد تمتد لسنوات (مثال: الدائرة التدريبية الأولمبية الكبرى ل4 سنوات), أما الدائرة المتوسطة المتعلقة بها قد تستمر سنة كاملة, وبشكل عام سوف نتعّرف على الفترات التدريبية عن طريق الدوائر التدريبية الكبرى أو السنوية ويطلق عليها (Markozyklen) والمتوسطة لعدة أشهر وتسمى (Mseozyklen) والقصيرة وهي عدة اسابيع وتسمى(Mikrozyklen), ثم الوحدات التدريبية اليومية.

أما بالنسبة للتخطيط السنوي والمرحلي للتدريب المستخدم والمتبع بالألعاب الرياضية فهو التخطيط السنوي الذي يقسم إلى فترات ومراحل ثلاثة رئيسية وكما يلي وبالألمانية:
• الفترة التحضيرية (Vorbereitungsperiode).
• فترة السباقات ( Wettkamfperiod).
• الفترة الإنتقالية (Übergangsperiode).

أما بالنسبة للتقسيمات الأخرى المتبعة في العمليات التدريبية وهي بالأشهر والأسابيع :

  • الدائرة التدريبية الكبرى (Makrozyklus): تشمل الفترة الزمنية المحددة للخطة التدريبية , سنة أو أكثر أو أقل وهكذا مع جميع الفترات والمراحل.
  • الدائرة التدريبية المتوسطة (Mesozyklus): تشمل عدة أشهر أو اسابيع وحسب تخطيط تلك اللعبة أو الفعالية الرياضية من 3-4 أشهر.
  • الدائرة التدريبية الصغرى (Mikrozyklus ): وغالباً ما تشمل اسبوع تدريبي , وأحياناً تستغرق 5-10 أيام , حسب تخطيط تلك اللعبة أو الفعالية بمراعاة خصوصية الأنشطة وتوقيتات السباقات وغيرها.
  • الوحدة التدريبية (Trainingseinheit): وهي أصغر جزء من هذا التقسيم الدائري المتدرج للتدريب الرياضي , ويتراوح زمنها من 1-4 ساعات .

الهدف التدريبي: هو الواجب الذي يسعى الفرد تحقيقه تدريبياً, أو هو النتيجة التدريبية المتوقعة , وتختلف الطرائق المستخدمة تربوياً والمتبعة في الحكم على مستوى تحقيق ذلك الهدف التدريبي:

  • الأهداف التدريبية العليا وهي التي تقع في أعلى سلم الأهداف المتوقعة من عمليات التدريب كما في أهداف رياضة المستويات العليا , ورفع مستوى اللياقة البدنية , واللياقة الصحية . وبالنسبة لرياضة المستويات العليا هو تحقيق أحد المراكز المتقدمة الثلاثة في البطولة القادمة على سبيل المثال.
  • الأهداف التدريبية الجزئية وهي التي تقع في منتصف سلم الأهداف المتوقعة من عمليات التدريب والتي يمكن أن تشمل مكونات عناصر تحقيق الإنجاز الرياضي مثل تطوير وتحسين قدرة التحمل لمتسابق المسافات الطويلة والماراثون , أو تطوير تكنيك حركة العدوا بالمسافات القصيرة وهكذا.
  • الأهداف التدريبية المنفردة وهي التي تقع في أسفل سلم الأهداف المتوقعة من عمليات التدريب ويطلق عليها بالأهداف البسيطة (Feinziele) بالألمانية , (Simple Goals) بالإنكليزية. وغالباً ما تتضمن عناصر اللياقة البدنية المنفردة , والمهارات الحركية والتكنيكية , والتصرفات والخطط التكتيكية و وتدريبات منفردة خاصة أخرى كما في تطوير تحمل السرعة بالعدوا للمسافات القصيرة وهكذا.

نوع التدريب: هو عملية قيادة وتوجيه العملية التدريبية نحو عناصر تحقيق الإنجاز في تلك اللعبة أو الفعالية (الإعداد البدني , الإعداد الفني التكنيكي , الإعداد التكتيكي) وكل ما يرتبط بها من تدريبات عامة وخاصة من تطوير للقدرات البدنية وللقابليات الحركية وبالتسلسل المنطقي الخاص بتلك اللعبة أو الفعالية الرياضية .

محتوى التدريب: وهو شكل العمل المستخدم بالتدريب أي (التمرين) لأجل تحقيق الهدف التدريبي. ويجب أن يتميز المحتوى التدريبي هذا بالتوزيع والتدرج المناسب للبناء الحركي للعبة أو الفعالية, وللبناء التحميلي المطابق بالتمارين الخاصة باللعبة, وتنقسم أنواع التمارين المستخدمة بالمحتوى التدريبي إلى ما يلي:

  • التمارين التحضيرية العامة: تستخدم هذه التمارين بجميع الألعاب والفعاليات الرياضية ولا ترتبط بالأداء الحركي المباشر والخاص بتلك اللعبة أو الفعالية الرياضية , كتمارين تطوير القوة العامة بالأجهزة والأثقال, وتمارين التحمل العام بالجري أو ممارسة الألعاب الفرقية المختلفة.
  • التمارين التحضيرية الخاصة: هي التمارين التي تتضمن جزءً من تلك الفعالية أو اللعبة , حيث يتم فيها تطبيق نفس التكنيك او المسار الحركي لأجل تحسينه حركياً أو ديناميكياً , أي يجب تشمل أقسام وأجزاء تلك المهارات أو الحركات الخاصة باللعبة أو الفعالية. كتمارين الحجل على رجل واحدة لمسافة, أو أداء خطوات الوثب الإرتدادية الأمامية من رجل إلى أخرى لمسافة , فهذه التمارين الخاصة تهدف لتطوير الأداء والتكنيك للوثب الثلاثي بشكل خاص.
  • تمارين المنافسة أو السباق: هي جميع تلك التمارين التي تستخدم فيها شكل الحركة أو الفعالية بالمنافسة أو السباق كاملة, كما في جميع فعاليات ألعاب المضمار والميدان والجمناستك والسباحة والألعاب الرياضية الأخرى. حيث ترتفع نسبة إستخدام هذا النوع من التمارين في فترة السباقات في التخطيط السنوي والمرحلي للتدريب الرياضي.

ملاحظة: تستخدم مصطلحات التمارين العامة والخاصة (Allgemein&Spezial) بعلم التدريب الرياضي للتفريق بين تلك التمارين التي تنفذ لأجل تحسين القدرات والقابليات البدنية والحركية بصورة عامة وليس لها علاقة بنوع الفعالية أو اللعبة, أو بصورة خاصة تتعلق مباشرة بعملية تحسين وتطوير القدرات البدنية والقابليات الحركية لتلك اللعبة أو الفعالية الرياضية. لذا نجد هناك تمارين مرونة عامة ومرونة خاصة.

شكل التدريب: يرتبط مصطلح شكل التدريب مباشرة مع مصطلح محتوى التدريب , ويبين ويوضح الطريقة والوسيلة المتبعة في تنفيذ ذلك التمرين . فعلى سبيل المثال في تدريب جري المسافات الطويلة بألعاب المضمار والميدان نجد شكل التدريب التالي:
– بالطريقة المستمرة , جري 5كم × 25دقيقة بدون راحة
– بالطريقة الفترية المنخفضة الشدة , جري 5×1000م ×4دقيقة×2دقيقة راحة

الوسيلة التدريبية: مصطلح يستخدم لأجل توضيح الإحتياجات والمتطلبات الضرورية والمساعدة في تنفيذ ذلك التمرين من أجهزة ومعدات وإجراءآت تنظيمية ميدانية وغيرها (الشرح والتوضيح النظري للتمرين , وسائل الإيضاح, مكان وميدان التدريب, الأجهزة والمعدات المستخدمة. إلخ).

الطريقة التدريبية: مصطلح تدريبي يستخدم لأجل توضيح خطة تنفيذ ذلك التمرين , بحيث تتضمن المحتوى والوسيلة والهدف وشكل ذلك التمرين , فعلى سبيل المثال توجد عدة طرائق تدريبية رئيسية تستخدم خلال فترات ومراحل التدريب السنوية لأجل تطوير القدرات البدنية والقابليات الحركية التوافقية للألعاب الرياضية كافة , وهي :
– الطريقة التدريبية المستمرة Dauermethode .
– الطريقة التدريبية المتقطعة أو الفترية Intervallmethode .
– الطريقة التدريبية المتكررة Wiederholungsmethode .
– الطريقة التدريبية الضابطة Kontrollmethode .

ومن أهم ميزات الطرائق التدريبية أعلاه هي التدرج الواضح في شدة الحمل التدريبي المستخدم والتصاعد فيها , وكذلك حجم الحمل التدريبي المتدرج والمتناقص فيها . كذلك توجد طرائق تدريبية خاصة أخرى بكل نوع من أنواع تدريب القدرات البدنية الأساسية والقابليات التوافقية الحركية, فعلى سبيل المثال توجد الطريقة الهرمية في تدريب القوة العضلية القصوى , وتوجد الطريقة المتقطعة الفترية الشديدة في تدريبات فعاليات العدوا والجري , وتوجد الطريقة المستمرة متغيرة الإيقاع في تدريبات الجري والسباحة والدراجات للمسافات الطويلة وهكذا.

كما توجد طرائق تعليمية – تدريبية مختلفة في ميدان تعليم وتحسين وتطوير الأداء الحركي أو التسلسل الحركي أو التكنيك منها الطريقة الجزئية والطريقة الكلية والطريقة المركبة , حيث يصعب تعلم وإتقان كثير من الحركات الرياضية إلا بإتباع عدة أنواع من الطرائق التعليمية-التدريبية وبالإسلوب والمحتوى المناسب والمتدرج والصحيح .

المرحلة التدريبية: هي فترة زمنية تقع ضمن سنوات العمر التدريبي للرياضي , وهي عبارة عن عدة مراحل تدريبية بنائية تطويرية يمر بها الرياضي بصورة متدرجة ومتلاحقة لأجل التوصل إلى تحقيق أعلى مستوى للإنجاز العالي بالفعالية أو اللعبة.

  • مرحلة البناء الأساسي العام Allgemeine Grundausbildungstufe .
  • مرحلة البلوغ والشباب المتقدمة Nachwuchstriningsstufe .
  • مرحلة المستويات الإنجازية العليا Hochleistungstrainingsstufe .

كذلك تقسّم مرحلة البلوغ والشباب المتقدمة التدريبية بدورها إلى ثلاثة مراحل أخرى هي ( مرحلة تدريبية أساسية , مرحلة تدريبية بنائية , مرحلة تدريبية نهائية ) وتتدرج هذه المراحل التدريبية في محتوياتها وخصائصها ومكوناتها بشكل يضمن وصول الرياضي إلى مرحلة تدريب المستويات الإنجازية العليا لأجل تحقيق الهدف الأخير من التدريب . وبناءً على الخبرة الميدانية فأن كل من هذه المراحل التدريبية الثلاثة سوف تستغرق فترة زمنية تتراوح من 3-4 سنوات تقريباً.

المستوى التدريبي: هو درجة الجهد والتعب الذي سوف يستخدم ويسلط بالوحدات التدريبية على أجسام الرياضيين المتدربين. يجب أن يراعى فيه مستوى التطور البيولوجي–الحركي (Biologischen-motorischen) للفرد المتدرب, ومستوى التوافق الذهني– النفسي (Geistig-seelig) لدى إختيار الأهداف التدريبية للبرنامج مع مراعاة تامة للمحتويات التدريبية وللطرائق والوسائل التدريبية أيضاً. وبذلك يجب أن نفرق بين المستويات التدريبية لمراحل الأطفال, والصغار, والشباب, والمتقدمين. ولا يمكننا مما تقدم أن ننظم المراحل التدريبية والمستويات التدريبية بحيث تكون مناسبة وبالشكل التالي (مرحلة البناء الأساسي العام= مرحلة تدريبية للأطفال), (مرحلة البلوغ والشباب المتقدمة= مرحلة تدريبية للشباب), (مرحلة المستويات الإنجازية العليا= مرحلة تدريبية للبالغين الكبار), هذه مفاهيم خاطئة ولا تصلح لجميع الألعاب والفعاليات الرياضية, لذا فأن المستوى التدريبي يتطلب مراعاة إحتياجات كثيرة.

العمر التدريبي: هو الفترة الزمنية من العمر التي عاشها ذلك الفرد الرياضي في حياته التدريبية النتظمة وبدون إنقطاع , ويحدد العمر التدريبي بالسنوات.

التوثيق التدريبي: هي عملية كتابة وتوثيق جميع الوقائع التدريبية اليومية المتبعة في سجل خاص بالرياضي منها (زمن الوحدة التدريبية , نوع وعدد التمارين, عدد الإختبارات والسباقات والأرقام المسجلة فيها, الظروف المحيطة بالتدريب والمؤثرة على الرياضي), كما يشمل التوثيق التدريبي حجم وشدة وعدد الوحدات التدريبية المنفذة, ويشمل الملاحظات التدريبية الخاصة التي تدون لتقييم المستوى التدريبي للرياضي.

الإجراءآت التدريبية: هي جميع الأعمال المخططة والمرافقة للعملية التدريبية بإستمرار مثل (الفحوصات الطبية, المساج, التغذية, الراحة الفعّالة …إلخ).

لقد وجدت المصطلحات والمفاهيم البيولوجية مكانها في هذا العرض من محاضرات أسس وقواعد علم التدريب الرياضي , حيث يفهم التدريب الرياضي من وجهة نظر علم البيولوجي على أنه ردود فعل وإستجابة لأجهزة جسم الإنسان للحمل التدريبي والذي سوف يؤثر في أجهزة وأعضاء الجسم لكي تمر بسلسة تغيرات وتأثيرات وكما يبينها لنا الشكل التوضيحي رقم (1) بحيث يفسر لنا العمليات البيولوجية للتحميل والتأثير والتكيف.

الشكل التوضيحي (1) سلسلة التأثيرات البيولوجية للعملية التدريبية

الحمل التدريبي: هو مجموع مايسلط على أجهزة جسم الرياضي من المثيرات التدريبية. وهناك نوعان من مثيرات الحمل التدريبي, ويطلق عليها بالحمل الخارجي والحمل الداخلي, ويتكون الحمل الخارجي من جميع عناصر ومكونات حمل التدريب التي ينفذها الرياضي كالحجم والشدة والكثافة والتكرار والمسافة والزمن…إلخ, ويصنف هذا الحمل الخارجي وفقاً لنوعية مكونات الحمل المستخدمة إلى حمل تدريبي محفز, وحمل تدريبي مثبت, وحمل تدريبي مخفض. أما الحمل التدريبي المحفز هو الذي يتصف بتحقيق التكيف والتأقلم الإيجابي لأجهزة جسم الرياضي. أما الحمل التدريبي المثبت فهو الذي يساعد على المحافظة على مستوى الأداء أو الإنجاز بنفس المستوى, بينما الحمل التدريبي المخفظ فهو الحمل الذي يقود إلى خفض مستوى القدرة أو القابلية الإنجازية للرياضي.

أما الحمل التدريبي الداخلي فيعني (التأثير والتكيف) وهو إستجابة بيولوجية لأجهزة وأعضاء جسم الرياضي للحمل الخارجي. أما نوع تلك الإستجابة البيولوجية لأجهزة الجسم فتعود إلى درجة ومستوى مكونات ذلك الحمل الخارجي وإلى المستوى التدريبي الحقيقي للرياضي, وتقود إلى تغيرات حقيقية للعديد من الفعاليات الفسيولوجية والبيولوجية لجسم الرياضي مثل (معدل القلب اي عدد ضرباته, قيم حامض اللاكتيك بالدم, مكونات الدم, مخزون مواد الطاقة بالدم والعضلات, فعالية بعض هورمونات العمليات الأيضية …إلخ ).

الإستجابة التدريبية (التأقلم Adaption): هي جميع التغيرات الوظيفية والمورفولوجية التي تطرأ على أجهزة جسم الرياضي الداخلية كتكيفات إيجابية لتأثيرات مثيرات الأحمال التدريبية الواقعة عليها, وتطرأ هذه التكيفات الحاصلة بمراحل متعاقبة …(Neuman/Schüler :1989 S. 199) , وتستمر هذه التكيفات حتى تصبح تغيرات ثابتة نسبياً وتستمر لعدة مراحل. مرحلة ثبات مستوى العمل الوظيفي الحالي لجسم الرياضي, مرحلة الزيادة المناسبة أو المثالية فوق مستوى العمل الوظيفي السابق مع تحسين إقتصادية تلك الوظائف, مرحلة التغيرات التركيبية للأجهزة الوظيفية مرحلة تثبيت تلك التغيرات التركيبية للمرحلة السابقة.

أن مراحل التكيفات السابقة تتطلب فترات زمنية كافية وتتراوح من 4-6 أسابيع. كما أن طول مدة تلك التكيفات الوظيفية سوف تساعد على حصول درجات تأقلم وظيفي أفضل تساعد على مضاعفة خزين الطاقة الإنجازية الوظيفية للجسم (زيادة القابلية الإنجازية) التي سوف ترفع من مستوى وقوة الإرادة وبذل الجهد والأداء الأقصى لإستخدام ذلك الخزين الإحتياطي للطاقة الإنجازية الوظيفية. أن هذه القابلية الإنجازية الإحتياطية يمكن أن تبلغ لدى الرياضيين بالمستويات العليا 90-95% من طاقة إنجازاتهم القصوى, بينما لايستطيع غير الرياضي أن يستخدم سوى 70% كأعلى حد من طاقة الأجهزة الوظيفية للجسم أثناء أقصى أداء بدني ممكن , لاحظ الشكل التوضيحي (2):

الشكل التوضيحي (2) للمناطق الإنجازية المختلفة طبقاً (Marees : 2002 S.643)

أن الشكل التوضيحي (2) أعلاه, يبين لنا بأن الخزين الإحتياطي للقدرة الإنجازية لجسم الرياضي والذي يفوق مستوى المناطق الفسيولوجية, يمكن أن يتحقق فقط بالإرادة والجهد البدني والنفسي العالي للرياضي . وبالنسبة لغير المدربين يمثل هذا الخزين نسبة قليلة (حوالي 70%) من حدود الموجه المحركة . أما بالنسبة للرياضيين بالمستويات العليا والذين لهم سنوات تدريبية كثيرة, فترتفع لديهم نسبة حدود الموجة المحركة أكثر. أما بقية مستويات القابلية الإنجازية الفسيولوجية الكامنة, يصعب تحريكها في جسم الرياضي إلا بحوافز قصرية مثل (الخوف القاهر, الأدوية و العقاقير المنشطة).

المكونات التحميلية (معيار التحميل, ميزات التحميل): هي المتطلبات الرئيسية والضرورية لتعيير وتقدير حمل التدريب وتتكون من عدة مكونات (شدة الحمل, حجم الحمل, كثافة الحمل, مدة الحمل, تكرار الحمل) وتتأثر وتؤثر كل منها بالأخرى جيداً, حيث علاقة الشدة بالحجم عبارة عن علاقة عكسية, لذا يجب مراعاة هذه العلاقة لدى تغيير إحدى هذه المكونات.

شدة الحمل (الشدة التدريبية): هي قوة المثيرات المنفردة, أي المستوى المرتفع للأداء والإنجاز الحركي بالوحدة التدريبية. ففي تدريبات وتمارين الجري والعدوا تقدّر الشدة بالزمن, وفي تمارين التحمل بشكل عام تقدّر بمعدل القلب (عدد الضربات بالدقيقة), وكذلك بتركيز حامض اللاكتيك بالدم. أن الجدول (1) يبين تصنيف مهم لدرجات شدة الحمل لبعض قدرات الإعداد البدني:

الجدول رقم (1) يبين شدة درجات الحمل التدريبي لبعض القدرات البدنية

درجة الشـــدة

Intensität

القوة

من أقصى نسبة للقوة القصوى

القوة السريعة

من أقصى تكرار حركي للتمرين

السرعة

من أقصى سرعة حركية ممكنة

التحمل

من القدرة الأوكسجينية القصوى VO2max.

التحمل

من أقصى معدل للنبض بالدقيقة HR

القصــــــــوى

90 – 100 90 – 100 95 – 100 95 – 100

90 – 100

دون القصوى

80 – 90 أقل من 90 85 – 95 85 – 95

80 – 90

المتوســــطة

70 – 80       – 70 – 85

70 – 80

البســـــــيطة

50 – 70   – 55 – 70

50 – 70

المنخفضــــة

30 – 50      –        – أقل من 55

أقل من 50

مدة الحمل (دوام المثير): هو عبارة عن مثير تدريبي منفرد أو سلسلة تمارين متعاقبة وتقيّم وفقاً لزمنها (بالثانية , الدقيقة , الساعة) أو المسافة المقطوعة ( كيلومتر ), ووفقاً لعدد تكرارها كما في كثر من الألعاب والفعاليات والمهارات الرياضية.

كثافة الحمل (تقارب المثير): هو المدة الزمنية الفاصلة بين مثيرات التدريب المنفردة والتي تعمل على تبادل عملية تنظيم مكونات الحمل والراحة بالوحدة التدريبية. كما أنها تبين لنا طول فترة الراحة بين تكرار مثيرات سلسلة ذلك الحمل التدريبي.

الراحة (الإستشفاء): هي الفترة الزمنية التي تعقب إنتهاء أي مثير من مثيرات حمل التدريب, فتستخدم نوعين من فترات الراحة أثناء العمليات التدريبية. النوع الأول هو الراحة التامة أو السلبية لإزالة أعراض التعب الحاصل كلياً وذلك بالجلوس وعدم إجراء أي نشاط غير الإرتخاء والتنفس بين التمارين أو بعدها لأجل الإستشفاء والتكيف بعد الوحدات التدريبية المتعبة, أما النوع الثاني وهي الراحة غير التامة أو الإيجابية أو يطلق عليها أحياناً بالراحة المستحقة (Lohnende-Pause), حيث ينخفض فيها الأداء الحركي وتتخللها بعض التمارين والحركات لأجل تهدئة وتقليل الجهد الواقع على أجهزة الجسم ومنحة فرصة التأثيرات البيولوجية الحاصلة عليها بعد الجهد والراحة أثناء ذلك التدريب المتكرر, وكما في طريقة التدريب المتقطعة الفترية في جري المسافات الطويلة (Interval Methode), لاحظ الشكل التوضيحي الخاص رقم (3):

الشكل التوضيحي (3) لفترات الراحة غير التامة الإيجابية والتامة السلبية (Zintl:2009 S.16)

في تدريب فعاليات أو مسابقات التحمل كما في جري المسافات الطويلة بألعاب المضمار والميدان, تحدد فترات الراحة الإيجابية أو المستحقة غير التامة وفقاً لسرعة نبض قلب الرياضي, وفي تدريب الجري بالشدة القصوى ودون القصوى تبلغ فترة الراحة هذه هبوط نبض الرياضي إلى حدود (120 ضربة/دقيقة), بينما بالنسبة لفترة الراحة التامة أو السلبية بين تكرارات الحمل التدريبي بالشدة المتوسطة والبسيطة فيهبط نبض الرياضي فيها إلى (100ضرب/دقيقة), وبذلك سوف تستغرق 1-2 دقيقة تقريباً.

حجم الحمل (حجم المثيرات): هو كمية أو مجموع مثيرات الحمل التدريبي التي يقوم بتنفيذها الرياضي بالوحدة التدريبية الواحدة, أو مجموع ما يقوم به الرياضي من أحمال في فترة أو مرحلة تدريبية محددة كما في الدوائر التدريبية القصيرة أو المتوسطة أو الكبيرة. ويقاس حجم الحمل التدريبي وفقاً لطريقة أداء تلك التمرينات أو الواجبات التدريبية, فعلى سبيل المثال يتم حساب حجم حمل تدريب فعاليات الجري والعدوا بعدد المسافات المقطوعة (بالكيلومتر), ويتم حساب حجم الحمل التدريبي في تمرينات القوة بالأوزان المرفوعة جميعها (بالأطنان), ويتم حساب عدد تمارين بعض الألعاب والفعاليات الرياضية والمهارات الحركية بعدد (التكرار), وكذلك يمكن حساب حجم الحمل التدريبي لمعظم الألعاب الرياضية الفرقية بزمن الأداء (بالساعة) …إلخ.

تكرار التدريب: هو عدد مرات إعادة عمليات التدريب بالإسبوع أو بالدائرة الصغيرة (Mikrozyklus), حيث تتكرر الوحدات التدريبية عدة مرات إسبوعياً ويزداد تكرارها بعد كل مرحلة من مراحل العمر التدريبي للرياضي, ويصل تكرارها في مرحلة تدريب المستويات العليا الأبطال بين 10-12 وحدة تدريبية إسبوعياً.

ثانياً : مباديء وأسس العملية التدريبية

هي تلك المعارف والأفكار والمعلومات المتراكمة عبر التجارب والبحوث والخبرات التدريبية ولسنوات طويلة لأجل حل كثير من الواجبات والمعضلات التدريبية وإيجاد الحلول والتصرفات الصحيحة والناجحة للعمليات التدريبية. كما أنها يجب أن تشمل وتستند على أسس وقواعد مضبوطة وقوية ضرورية للعملية التدريبية التي تساعد المدرب والرياضي على حد سواء في إتباعها وإستخدامها ضمن إطار وفسحة تصرفية واسعة ومتغيرة أيضاً. لذلك فأن محتوى هذه المباديء والأسس التدريبية قد تم بناءها تطويرها عبر سنوات طويلة من البحث العلمي للباحثين والعلماء, وكذلك من الخبرة الميدانية العملية للمدربين بالألعاب الفعاليات الرياضية المختلفة.

أما تلك المباديء والأسس في الميدان الرياضي التعليمي التربوي والتدريبي, فلا يوجد نظام قيادي مقبول بشكل عام ولجميع ميادين التربية الرياضية المعروفة لدينا اليوم , بينما بينت لنا الأفكار العلمية المختلفة والمتعددة التي وردت في كتب ومصادر علماء التدريب الرياضي حلول مختلفة لكثير من مشاكل التعليم والتدريب المختلفة. لقد وضع هارة (Harre : 1982) بعض الأسس التربوية التعليمية منها (الإدراك والفهم والإستيعاب, التخطيط المناسب, والعرض المنهجي , والشمولية) التي لها أهميتها في عمليات التعليم والتعلم, وفي مقدمة متطلبات تلك القواعد والأسس التي ذكرها في موضوع حمل التدريب الرياضي (تدرج متصاعد لجميع متطلبات زيادة الحمل التدريبي, إستمرارية التحميلات التدريبية , التقسيم السنوي والمرحلي لعمليات التدريب).

أما مارتن (Martin et.al. :2001) فقد ذكر 25مبدأ تدريبياً رئيسياً , حيث ذكر 8 مباديء تربوية و8 مباديء لبناء وتنظيم عمليات التدريب , و9 مباديء لتقسيم محتوى منهجية العملية التدريبية .

ولأجل تخفيض تلك المعطيات التي جاء ذكرها أعلاه لقد قمنا بتنظيم الجدول رقم (2) الذي وضحنا فيه وجهة نظرنا من خلال العلاقة بين التغيرات البيولوجية المصاحبة للعملية وبين الخصائص العليا الممكنة للحقائق العامة للعملية التدريبية, وأجلنا الجوانب لتربوية والمنهجية, أي أن هذا الجدول سوف يختصر على الجوانب لتدريبية فقط:

الجدول رقم (2) نظرة على مباديء التدريب وما يصاحبها من قواعد للتأثيرات البيولوجية وعناصر التكيف والتأقلم

      أهمية التأثير الحاصل

 مباديء وأسس العملية التدريبية

      العوامل المؤثرة بيولوجياً

 إنطلاق ظاهرة التكيف البيولوجي  
  • مثيرات تحميلات التدريب المؤثرة
  • التدرج المتصاعد للحمل التدريبي: بالتدرج المنتظم , بالإسلوب المندفع
  • بالحمل التدريبي المتغير
  • إنتظام في المثيرات التدريبية
  • مسار قطعي متكافيء لعمليات التكيف والتأقلم المصاحبة
  • إنتظام في المثيرات التدريبية
تأمين  لعمليات التأقلم والتكيف
  • تنظيم مثالي لعمليات الحمل والراحة
  • الإستمرارية والأعادات المتكررة
  • التقسيم الفتري والمرحلي للدوائر
  • أزمان تأقلم متغيرة
  • تثبيتات التأقلم الحاصل
  • خصائص فترات مسار التأقلم
 توجيه عمليات التأقلم والتكيف الخاصة
  • الفردية والعمر المناسب
  • الزيادة في خصوصية التدريب
  • التأثير المتبادل والمنتظم للمكونات  التدريبية المنفردة  
  • قابلية التأقلم والتكيف الفردية
  • التأقلم للتدريبات الخاصة
  • تأثيرات متبادلة من عمليات التأقلم الخاصة وغير الخاصة

مبدأ مثيرات الحمل الفعّالة: نفهم من هذا المبدأ التدريبي, بأن إستجابات جسم الرياضي وردود فعلها التكيفية والتأقلمية سوف تبدأ عندما يتخطى الحمل التدريبي مستوى عتبة الشدة المؤثرة فقط, وهذا إعتماداً على الأساس البيولوجي الذي يطلق عليه بقاعدة درجة أو عتبة الإثارة (Reizstufenregel), كما ويسمى خطأ من الناحية التأريخية بقاعدة أرنولد شولتز, وعند النظر لهذه القاعدة نجد بأن تلك التغيرات المورفولوجية والوظيفية التي قد تحصل نتيجة التأثيرات تحت العتبة (تحت موجة التأثير الفعّاله) أي نتيجة عتبة إثارة ضعيفة, أو عتبة إثارة قوية, أو المثيرات القوية, هي جميعها تغيرات لها إستجابات وتكيفات وظيفية مختلفة.

كذلك نجد بأن العتبة تحت الإثارة الضعيفة ليس لها فائدة وتأثير بيولوجي , وأن عتبة أعلى الإثارة الضعيفة لها تأثير المحافظة على مستوى تلك الوظائف الفسيولوجية, بينما عتبة الإثارة القوية (العتبة المثالية Optimale Reizschwelle) تؤدي إلى التغيرات الفسيولوجية والتشريحية الملموسة للجسم, كما أن عتبة الإثارة الشديدة جداً تقود إلى اضرار بوظائف الجسم. أن وضع وحالة المثيرات التحميلية تتعلق بمستوى الرياضي الإنجازية, فبالنسبة لتدريبات فعاليات ومسابقات التحمل الهوائي على سبيل المثال وجدت بأن عتبة التأثيرات التدريبية تقع بحدود 50% من إستخدام أقصى إنجاز لجهاز القلب والدوران , وهذه النسبة تمثل شدة تحميل متوسطة للأفراد غير المدربين يصل فيها معدل القلب أي عدد ضرباته بالقيقة الواحدة إلى 130 ضربة.

مبدأ الزيادة المضطردة بالحمل التدريبي: وبما أن جسم الإنسان يمتك القدرة والقابلية على التكيف والتأقلم, يجب أن تخضع الأحمال التدريبية المؤثرة إلى زيادة مضطردة بإستمرار, وهذا يعني على سبيل المثال بأن مثيرات التدريب التي تم إستخدامها سابقاً تصبح عبارة عن مثيرات تحت عتبة التأثيرات اللاحقة ولا تحقق زيادة وتحسن بإنجازات الرياضي . ونتيجة لما تقدم يجب أن تحصل زيادة مناسبة وملموسة بالحمل التدريبي وبإستمرار وعلى فترات زمنية محددة لأجل تطوير وتحسين القابلية الإنجازية لذلك الرياضي. وأن هذه الزيادة بالحمل التدريبي المضطردة, يجب أن تكون مناسبة ومتوافقة مع العمر التدريبي ومع درجة ومستوى التطور الحاصل, ومع مستوى تطور القابليات التوافقية الحركية أيضاً والتي تؤخذ بنظر الإعتبار في أثناء زيادة ورفع مستوى حمل التدريب إما بصورة متدرجة أو بصورة مندفعة ومفاجئة.

وأن الزيادة المتدرجة بالحمل التدريبي هي الوسيلة الأفضل دائماً, طالما هناك تحسن ملموس ومضطرد بالإنجاز أو الأداء الرياضي, لذلك تستخدم هذه الوسيلة في المراحل التدريبية الأساسية والبنائية للرياضيين الصغار وكذلك بشكل كبير في المراحل المتأخرة للكبار, كما يجب أن تستخدم بشكل أساسي ووفقاً للخبرات التدريبية في رفع وزيادة مستويات حمل التدريب. وبهذه الوسيلة المتدرجة بالحمل نستطيع تجنب كثير من الأضرار المصاحبة للوسيلة الأخرى المندفعة في رفع مستوى حمل التدريب, حيث نتجنب فيها (الأضرار الكبيرة المحتملة, وتوقف الإنجازات المحتملة), هذا علماً بأن وسيلة زيادة ورفع مستوى حمل التدريب المندفعة, ضرورية للمراحل التدريبية المتقدمة بالمستويات العليا وذلك عندما نلاحظ بأن تقدم الإنجاز الرياضي يصبح غير ممكناً أي يتوقف بالإسلوب التحميلي المتدرج ويصبح غير مؤثر مع ضعف عمليات التكيف المصاحبه لها. لذلك نقوم بإستخدام هذا الإسلوب الأقوى المفاجيء أو المندفع في زيادة ورفع مستوى حمل التدريب لأجل إرغام أجهزة جسم الرياضي على رفع عتبة الإثارة الفعّالة ثانية لكي تستجيب الأجهزة وتتكيف للحمل مرة أخرى.

كما أن منح جسم الرياضي لفترة راحة كافية ومفاجئة لمتطلبات التدريب العالية ترغم الجسم لسلوك تكيفي لاحق أيضاً. ومن شروط ذلك هو مستوى إنجاز ذلك الرياضي بالمستوى العالي, كما ويجب مراعاة هذا المستوى الإنجازي العالي لأجل تثبيته ثم العمل على تحسنه أكثر, ويتطلب ذلك فترة تدريبية أطول مما بالمراحل التدريبية الأوطأ. كما يجب أن نتوقع زيادة وتحسن أقل في ردود فعل وتكيفات جسم الرياضي بالمستويات العليا عنها بالمستويات الأقل, وتظهر لنا نتائج البحوث بأن إستجابات أجهزة الجسم لمثيرات حمل التدريب لا تسير على خطوط منتظمة متوازية, ولكنها ترتفع بشكل منحنيات متقاربة مع قابلية التأقلم الحاصلة لها, لذلك تسبب دائماً قطع لاحق بين منحنى المستوى الإنجازي, ومع منحنى الحمل التدريبي, لاحظ الشكل (4).

أما بالنسبة للإمكانيات التدريبية المستخدمة لأجل ضمان رفع مستوى الحمل التدريبي بإنتظام , هي إجراءآت التغيير المتبعة في مكونات الحمل التدريبي وذلك جرّاء:

  • رفع مستوى تمارين القابليات التوافقية الحركية بالتدريب.
  • زيادة عدد المشاركات في السباقات والمنافسات .

كما أن التغيرات في مكونات الحمل التدريبي لمدة زمنية أطول مهمة جداً , وذلك جرّاء:

  • زيادة عدد الوحدات التدريبية الإسبوعية ( الدائرة التدريبية الصغرى).
  • زيادة حجم الحمل التدريبي للوحدات التدريبية المنفردة.
  • تقصير فترات الراحة البينية بين تكرارات التمارين المستخدمة.
  • زيادة الشدة التدريبية المستخدمة بشكل عام.

الشكل التوضيحي (4) الزيادة بمستويات التحميل ومستويات الإنجاز مع تقدم الإنجاز الرياضي

مبدأ التنوع في الحمل التدريبي: عندما نلجأ إلى رفع وزيادة فعالية الأحمال التدريبية, يجب علينا عدم نسيان أو إهمال عمل الجهاز العصبي الودي أو السمبثاوي (Sympathikus), حيث يقوم الجهاز العصبي الودي أو السمبثاوي بتعريض الجسم لمستوى الإستعداد الإنجازي بالمستوى العالي, والذي يعد من الشروط الفسيولوجية الضرورية والفعّالة لتقبل ذلك المستوى العالي للأحمال التدريبية. أما الأحمال التدريبية الثابتة المستوى بإستمرار أي غير المتغيرة, تقود إلى تأثيرات تدريبية رتيبة وتراجع مستوى التطور الإنجازي للرياضي أو تقود إلى تعطيل تأثيرات عمليات التدريب كلياً , لاحظ الجدول رقم (3).

ومن خلال تبديل أو تغيير خصائص وعناصر التحميل, نعمل على كسر الرتابة التدريبية, والتي سوف تعمل على تحفيز الجهاز العصبي الودي أو السمبثاوي مرة ثانية. وفي الجانب التدريب العملي نقوم بعمليات التغيير هذه بإستمرار, وليس بين مكونات الشدة والحجم فقط, ولكن يجب التغيير في ديناميكية التمارين والحركات المنفذة بالوحدات التدريبية اليومية, اي رفع مستوى فاعلية الأداء الرياضي بشكل عام في التدريب, وكذلك من خلال إختيار وتنظيم فترات الراحة بين تلك التمارين والمهارات.

لذلك يلعب مبدأ التنوع التدريبي دوراً واضحاً في تدريب رياضة المستويات العليا, لأن هذه المرحلة تمتاز بدرجة خصوصية عالية وتتطلب برامج تدريبية تستخدم فيها طرائق ووسائل تدريبية أكثر فاعلية وقوة لأجل الإرتقاء فوق الحدود الإنجازية البدنية للرياضي. ولذلك يجب أن تراعى من الناحية العملية هذه التغيرات في خصائص ومكونات الأحمال التدريبية بالقدر الكافي والمثالي, وعدم تخطي قدرات الرياضي البدنية فيها.

الجدول رقم (3) تأثيرات الجهاز العصبي الودي ونظير الودي على أجهزة الجسم

        وظائف أجهزة الجسم

   الجهاز العصبي الودي

الجهاز العصبي نظير الودي

  • سرعة ضربات القلب
  • قوة إنقباض عضلة القلب
  • حجم الأوكسين المطلوب
  • يزيد من السرعة
  • يزيد قوة الإنقباض
  • يزيد من الحجم
  • يبطأ من السرعة
  • يقلل من القوة
  • يقلل من الحجم
  • الحويصلات الرئوية
  • يوسع الحويصلات
  • يقلص الحويصلات
  • التقلصات المعوية
  • التروية الدموية
  • تهدئة التقلصات
  • تهدء التروية
  • تفعّل التقلصات
  • تفعّل التروية
  • تفريغ المثانة من الإدرار
  • تهدئة المثانة
  • تمكين المثانة

مبدأ التشكيل المثالي للحمل والراحة: أن هذا مبدأ تدريبي غاية في الأهمية وهو الذي يراعى فيه تنظيم الحمل التدريبي وتقنينه لكي يكون أكثر تأثيراً من خلال ضبط فترات الراحة الأحمال للوحدات التدريبية وكذلك بين الوحدات التدريبية التالية في الدائرة التدريبية الصغرى, وهي فترة راحة يجب ان تكون مناسبة لكي يستطيع الرياضي فيها أن يستفاد من تأثيرات الحمل ويستعد لإستقبال حمل آخر وهكذا. لذلك فأن تنظيم فترات الحمل والراحة بالوحدة التدريبية وبين الوحدات التدريبية, يعد أمراً غاية في الأهمية ويجب أخذه بنظرالإعتبار جيداً . لقد تكلمنا سابقاً عن عملية تنظيم فترات الحمل والراحة بالوحدة التدريبية, أما تنظيمها بين الوحدات التدريبية المتعاقبة فسوف تراعى فيها التأثيرات البيولوجية المتوقعة على أجهزة جسم الرياضي. وهنا سوف نتناول نموذجين توضيحيين لهذه العملية يجب فهمها جيداً من قبل المدرب والرياضي بالوقت الحاضر للإستفادة الكلية من تأثيرات حمل التدريب.

1) نموذج التعويض المثالي (Superkompensationsmodell)

لقد تم وضع هذا النموذج من قبل العالم الروسي ياكوفليف (Jakowlew : 1877) وشرح فيه مراحل تأثيرات حمل التدريب وعمليات التأقلم الحاصلة بالجسم بعد لإنتهاء ذلك الحمل التدريبي, لاحظ الشكل التوضيحي (5) الذي يبين مسار ردود فعل الجسم الأربعة بنموذج التعويض المثالي, حيث تسلك طاقة وحيوية أجهزة جسم الرياضي مساراً بعد إنتهاء الحمل التدريبي لتمر بمرحلة التعب والهبوط, ثم الراحة والإستشفاء والصعود, ثم ترتفع بالمرحلة الثالثة بالتعويض المثالي عن المستوى الطبيعي السابق, اي تكتسب أجهزة وطاقة الجسم قدرة وقابلية إنجازية أعلى وأفضل من السابق. ثم يفقد الجسم هذه القابلية أو الطاقة الجديدة بالمرحلة الرابعة ويعود إلى نفس المستوى الأول إذا ما لم يستقبل حمل تدريبي جديد ومناسب لاحق.

الشكل التوضيحي (5) نموذج التعويض لمثالي Superkompensationsmodell

أن نموذج التعويض المثالي هو المقترح الأنسب للتشكيل المثالي لمكونات الحمل التدريبي والراحة بين الوحدات التدريبية, أما توقيت تنفيذ الوحدة التدريبية التالية, فيجب أن يكون في مرحلة التعويض المثالي, وكما يبين لنا الشكل التوضيحي (6). وهذا يعني وفقاً لرأي ياكوفليف بأن توالي تطبيق الوحدات التدريبية يجب أن ينظم بشكل جيد وبما يناسب مستوى المتدربين وبمراعاة خاصة للعمر التدريبي لأجل ضمان تحسن مستمر للإنجاز الرياضي.

الشكل التوضيحي (6) توالي توقيت تنفيذ الحمل التدريبي بمرحلة التعويض المثالي

أما في حالة توالي تطبيق الوحدات التدريبية اليومية أي إعادة مثيرات التحميل في مرحلة الراحة والإستشفاء الثانية وقبل مرحلة التعويض المثالي, فأن مستوى القابلية الإنجازية للرياضي سوف تسلك سلوكاً مختلفاً وتتجه نحو الأسفل وكما يبينه لنا النموذج في الشكل التالي رقم (7):

الشكل التوضيحي (7) نموذج لتوالي تنفيذ الوحدات التدريبية في مرحلة الإستشفاء

2) نموذج العوامل المزدوجة (نظرية تطور الإنجاز بالتعب)

أن هذا النموذج يبين لنا بأن مراحل التعب المتكرر جرّاء مثيرات الأحمال التدريبية, يمكن ان تقود بالنهاية إلى نمو وتطور الإنجاز (مثال تطوير القابليات التوافقية الحركية), وهذا يعني بأن تأثيرات تلك المثيرات التدريبية التي تستخدم بالأحمل المتكررة تتألف بإسلوب مركب مزدوج وتقود إلى:

  1. نمو الأداء أو الإنجاز الرياضي.
  2. تسبب درجات تعب متصاعد.

أما بالنسبة للقابلية الإنجازية الحقيقية فسوف ترتفع أخيراً جرّاء التأثيرات التراكمية لعمليات التكيف والتأقلم اللاحقة (Zatsiorsky : 1996).

ومما تقدم نستنتج بأن تحسن ونمو الإنجاز بالإسلوب الذي مر ذكره سابقاً (نموذج العوامل المزدوجة) سوف يكون أقل ولكن يمكث ويستمر فترة زمنية أطول من (نموذج التعويض المثالي) الأول, وبالمقابل نستنتج بأن مستوى التعب الحاصل بالتدريب المتكرر يرتفع بمستوى أعلى في هذا الإسلوب مما تقصر مرحلة الراحة والإستشفاء. لقد وضح لنا (زاتسورسكي Zatsiorsky) بأن تأثيرات التدريب المتعب المتوسطة الشدة على نمو الإنجاز تكون مختلفة. فالتحميلات متوسطة الشدة (مثل الجري بالطريقة المستمرة المنخفضة الشدة لمدة 60-90 دقيقة) لها معنى بهذا النموذج, بأن التأثير السلبي للتعب الحاصل سوف ينتهي خلال 24 ساعة فقط, بينما بالمقابل سوف يستمر التأثير الإيجابي لهذا النوع من التدريب لمدة أطول أكثرمن 72 ساعة.

ولدى المقارنة بين النموذجين السابقين نجد بأن الفترة المثالية للوحدة التدريبية اللاحقة تتحدد جيداً وبتوقيت مرحلة التعويض المثالي للنموذج الأول, أما بالنسبة لنموذج العوامل المزدوجة الثاني فأن الوحدة التدريبية التالية تبدأ من مستوى أوطأ بإستمرار نتيجة تراكم مستوى التعب وحتى نهاية الإسبوع التدريبي, الذي سوف ترتفع فيه القابلية الإنجازية بمستوى أعلى بعد فترة للراحة والإستشفاء تبلغ حولي 48 ساعة, أنظر الشكل التوضيحي (8).

لذا فأن نموذج العوامل المزدوجة سوف يستخدم في فترات ومراحل التحضير والإعداد أكثر من نموذج التعويض المثالي الذي سوف يستخدم أكثر في مرحلة المنافسات والسباقات, حيث ترتفع شدة حمل التدريب ويقل الحجم من خلال تقليل عدد وحدات التدريب وخاصة في إسبوع السباقات المهمة (2-3 وحدات شديدة).

الشكل التوضيحي (8): العوامل المزدوجة لنظرية تطور الإنجاز بالتعب التراكمي

مبدأ التكرار والإستمرارية: أن مبدأ تكرار الحمل من مباديء علم التدريب المهمة, وذلك ولأجل الإستفادة من حمل التدريب وتأثيراته التكيفية والتأقلمية على أجهزة الجسم, لذا يجب أن نكرر ذلك الحمل التدريبي عدة مرات, وهذه العملية تقود إلى تثبيت تلك التأثيرات ومنح أجهزة الجسم الوظيفية فرصة أكبر للحصول على سلسلة من تلك التغيرات الإيجابية المزمنة. أما التأقلم النهائي فيتم تحقيقه عندما يتم تخصيب ركائزه أي (مواد الطاقة) خارجاً وفي الأجهزة الوظيفية الأخرى مثل (الإنزيمات, والهورمونات), وأن هذه التبدلات سوف تقع قبل ذلك على الجهاز العصبي المركزي عندما يتم تنفيذ الأداء أو الإنجاز الحركي بشكل متطابق ومتشابه. ومن المعروف لدينا أيضاً بأن العمليات الأيضية والإنزيمية سوف تتأثر يتلك التبدلات سريعاً نسبياً (2-3 أسابيع), أما بالنسبة للتبدلات أو التغيرات التكوينية المورفولوجية فتتطلب فترة زمنية أطول نسبياً (لا تقل عن 4-6 أسابيع) لكي تظهر على الجسم. أما بالنسبة للقابليات التوجيهية والخصائص التنسيقية والتنظيمية للجهاز العصبي المركزي, فسوف تتطلب فترة زمنية أطول لكي تتأقلم (عدة أشهر).
أما لأجل الحصول على عملية تأقلم ثابتة نسبياً, يجب أن نتبع برنامجاً تدريبياً بأحمال تدريبية متصاعدة ومنتظمة وفقاً لنظام المراحل التدريبية الأربعة الذي يستغرق فترة من 4-6 أسابيع, وذلك لأجل ضمان عمليات التأقلم الحاصلة بالتحميلات العالية, يجب أن نكرر نظام المراحل الأربعة هذه عدة مرات بالسنة التدريبية.
أما لأجل دعم بناء تلك العمليات التأقلمية التكيفية الهادفة إلى تغيرات إيجابية لمستوى عمل الأجهزة الوظيفية ومورفولوجية, يجب أن تكون محددة التراجع, وهذه يجب أن تراعى عندما تستخدم لمدة زمنية طويلة نسبياً فيها عملية رفع مثيرات التدريب فوق عتبة التأثيرات التكيفية والتأقلمية, وقد تقود إلى فقدان توجيهها وتثبيتها كالسابق.

الشكل التوضيحي (9) مراحل التأقلم والتكيف التدريبية وفترة إستغراق حدوثها عن (Neumann :1993 S.11)

مبدأ تقسيم التدريب لمراحل ودوائر: علينا أن نعلم بأن الرياضي لا يمكنه البقاء في كامل طاقته الإنجازية طول السنة التدريبية, لذلك يجب أن يتدرب بحدود قدراته الفردية وفي نطاق إمكاناته التحملية والفسيولوجية. لذا فأن الخطورة هنا ترتبط في ظروف التبّدل التام بالعمليات البنائية التدريبية الإيجابية إلى عمليات هدم سلبية معاكسة , لذلك ووفقاً للأسس البيولوجية تصبح عملية تبديل الحمل التدريبي ضرورية.

أن التقسيم المرحلي لسير مراحل التأقلم بالصعود والتثبيت أو التخفيض بالمستوى تتطلب فترة زمنية طويلة خلال السنة التدريبية, وذلك لأجل تنفيذ مراحل البناء والتثبيت ثم التخفيض في مراحل أو فترات مختلفة التحميلات يطلق عليها:

  • الفترة التحضيرية.
  • فترة المنافسات والسباقات.
  • الفترة الإنتقالية.

كما يجب أن تجزّء هذه الفترات في الدائرة التدريبية السنوية الكبرى (Makrozyklen) بشكل متبادل بين الصعود والهبوط بدرجات الحمل التدريبي المستخدم. ولذا يطلق على أشكال الحمل التدريبي فيها مصطلحات تنسجم مع ما جاء ذكره أعلاه وفي دوائر تدريبية متبادلة وصغيرة (Mikrozyklen), لاحظ الشكل التوضيحي (10) التالي:

  • الحمل التدريبي المتصاعد Belastungssteigernden.
  • الحمل التدريبي المثبت Belastungserhaltenden.
  • الحمل التدريبي المخفض Belastungsreduzierenden.

وبهذا الإسلوب من التوزيع والتقسيم للأسابيع أو الدوائر الصغيرة, نستطيع تجنب حدوث ظاهرة التدريب المفرط, ونستطيع أن نحقق الإنموذج الرياضي المثالي بوقت معين, أي نستطيع أن نحقق أهداف العمليات التدريبية بدون أضرار أو أخطار.

الشكل التوضيحي (10) تقسيم الدوائر التدريبية الصغرى (Mikrozyklus) في درائرة تدريبية متوسطة (Mesozyklus) في 6 أسابيع تدريبية منتظمة ضرورية للتكيف والتأقلم

مبدأ التطور الفردي والخصوصية (العمر التدريبي): بما أن الإنجازات الرياضية للأفراد تتقرر وتتحقق نتيجة توفر عوامل متعددة, لذلك فأن نتائج الإنجازات الفردية للرياضيين سوف تتعلق بتطور تلك القدرات والقابليات الإنجازية الفردية أيضاً, لذلك ولأجل تنمية وتطوير إنجازات ذلك الرياضي, علينا معرفة خصائص وقدرات الرياضي الفردية وإمكانيات تنميتها إلى مستويات عالية مثالية. وهذه سوف تقودنا بالبداية إلى معرفة القدرات والقابليات البدنية والحركية الشخصية ومستوى الإستعداد الوراثي القوي لتطويرها عنده (الموهبة الحركية للرياضي, المواصفات والقياسات والبناء الجسمي, والقدرة البدنية على الإستجابة للتدريب), ثم العوامل البيئية والمحيطية الأخرى التي لها تأثيرات كالنواحي الذهنية والنفسية والتربوية ومنها (درجات الحرارة, درجة ومستوى التحفيز, ومستوى التحصيل الدراسي والذكاء).

لذلك فأن هذه الخصائص والنواحي البدنية والنفسية والبيولوجية هي التي تحدد مستوى تطور العمر البيولوجي للرياضي, أما أكثر المراحل الحساسة في العمر البيولوجي للرياضي الإستعداد البدني لتقبل الحمل التدريب لتنمية ورفع مستوى قدرات الإعداد البدنية والقابليات التوافقية الحركية والتي يطلق عليها مصطلح (الإستعداد التدريبي), وتعتبر أفضل مثال يمكننا الإعتماد عليه في هذاالموضوع. وبذلك تقترب الخصائص الفردية من العمر الزمني في تطبيق قواعد واسس عمليات التدريب, ومن الناحية البيولوجية يعد هذا المبدأ أساسياً لفردية وخصوصية قابلية التكيف والتأقلم التدريبية, ويطلق عليها (قابلية التأقلم), التي سوف تجعل من تأثيرات مثيرات الحمل التدريبي وعملها على أجهزة اجسام الرياضيين مختلفة.

أما الإختلافات المتبادلة بين الأجسام الحية وعامل الوراثة والظروف المتعددة المحيطة بالإنسان, هي التي تعمل على تهيئة الإستعدادات الوراثية الجيدة وإبرازها لدى فرد دون الاخر في قدرة أو قابلية بدنية أو حركية معينة. وتظهر أهميتها في الميدان العملي الرياضي لكي يتم إختيار نوع الأحمال التدريبية التي سوف تعمل على تطوير تلك القدرة أو القابلية إلى مستوى مثالي عالي, وبإستخدام مبدأ الخصوصية التدريبية المتصاعدة. كما أن هناك كثير من الظروف والوسائل التدريبية غير الموجهة أو المختارة بشكل مناسب لتطوير قدرة بدنية, تعرقل أو تأخر عمليات التأقلم للأجهزة (مثال: تدريبات القوة للتضخم العضلي لمتسابقي المسافات الطويلة) تقلل من قابلية التأقلم المتوقعة لأجهزة جسم الرياضي العاملة وتعرقل مستوى تطور الإنجاز الرياضي الفردي.

مبدأ زيادة ورفع التدريب الخاص : نستطيع أن نفرق بين مثيرات التدريب الرياضي في خصوصيتها وإستخداماتها التدريبية وحسب تأثيراتها التكيفية والتأقلمية على أجهزة جسم الرياضي, فأما أن تكون تأثيرات خاصة أو تأثيرات غير خاصة. أن التأثيرات التأقلمية الخاصة تمتد وبقوة لتشمل الأجهزة الحيوية الواقعة تحت ذلك التدريب, وتتركز أكثر على مناطق معينة خاصة , فعلى سبيل المثال على الجهاز العضلي للرياضي وعلى الأجهزة الأخرى التي تقوم بتزويده بمواد الطاقة والأوكسجين كجهاز القلب والدوران والتنفس. أن قدرة التحمل الخاصة المختلفة (التأقلم الخاص) لعدائي المسافات الطويلة, ولدراجي سباقات الطريق, وللسباحين للمسافات الطويلة, يتم تأسيسها وتنميتها بالأداء الحركي الخاص لتلك المسابقات أو الفعاليات الرياضية بشكل رئيسي, حيث يتم تطوير وظائف الجهاز العضلي الخاصة بالفعالية أولاً, ثم تطوير وظائف أجهزة التنفس والقلب والدوران ثانياً. أما الأقرب من ذلك في إخضاع جميع تلك الأجهزة الحيوية بالتدريب للتأقلم بشكل عام وبواسطة طرق ووسائل تدريب التحمل العامة, سوف يقود إلى عملية (التأقلم غير الخاص) أي التأقلم العام.

وبما أن عملية تطوير المستوى الإنجازي العالي ببعض القدرات البدنية المعينة يتطلب بالوقت الحاضر قاعدة وأساس جيد للتكيفات الوظيفة للأجهزة الحيوية وبشكل عام, ثم التأقلم الخاص لكي يتم تفعيل مثيرات التأقلم الخاص بشكل أفضل داخل أجهزة الجسم المشاركة بتلك الفعاليات الرياضية. كما أن توقيت إستخدام التدريبات الخاصة يجب أن يكون صحيحاً لكي تتم الإستفادة من مبدأ فردية وخصوصية الرياضي, حيث يخضع مستوى التأقلم الفردي على أجهزة الجسم بشكل مختلف وفقاً لهذا المبدأ . ولهذا يجب مراعاة النقاط الضرورية التالية بالتدريب الخاص:

  • يجب أن نعمل على زيادة نسبة التدريبات الخاصة على نسبة التدريبات العامة تدريجياً في المراحل التالية (مرحلة البناء التدريبي العام , مرحلة تدريب الشباب, ومرحلة تدريب المتقدمين بالمستويات العليا).

  • الزيادة في العلاقة التدريبية الخاصة بالفعالية أو اللعبة الرياضية في مكونات الإعداد البدني, والتكنيك, والتكتيك , والقابليات الذهنية والذكاء التدريبي.

  • أن عمليات تدريب قدرات وقابليات تحقيق الإنجاز الرياضي والمهارات التكنيكية من خلال الإجراءآت التدريبية المثالية العالية, يجب أن تأخذ مجالها تدريجياً ومنها (لسباق الموانع على سبيل المثال تدريب تحمل السرعة المتوسطة وتكنيك إجتياز الموانع , إلى جانب تدريب قوة القفز , والمرونة الخاصة بالفعالية).

مبدأ تأثير التبديل المنتظم لعناصر التدريب: من الأمور التوجيهية المهمة هي التوافق والتطابق المقنن في تدريب مختلف قدرات الإعداد البدني وعلاقتها بمستوى اللياقة البدنية ومستوى تدريب النواحي التكنيكية أو المهارية. ففي تدريب الأبطال ورياضة المستويات العليا خاصة يعد تكميل النمو الدائم للقدرات البدنية والقابليات التوافقية الحركية المكتسبة حديثاً لتكنيك الحركة الرئيسية من خطوات التقدم والتطور المقررة للإنجاز. والأبعد من ذلك يجب مراعاة العناصر التدريبية المتعددة في تأثيراتها الإيجابية والسلبية ومعرفتها جيداً بعلاقتها مع بعضها أثناء عمليات التدريب الخاصة والفردية لرياضة المستويات العليا. وبدورها تظهر ردود فعل الجسم للإستجابات التدريبية الخاصة وغير الخاصة للمثيرات التحميلية المختلفة وتأثيراتها المتبادلة بصورة مؤكدة وواضحة. كما أن التكيفات والتأقلمات غير الخاصة لا تستمر أبعد من التكيفات والتأقلمات الخاصة وبالدرجة الأولى على كفاءة الأداء الحركي وبما ينسجم مع تحسن التوافق العصبي العضلي للرياضي, بحيث تزداد كفاءة الجهاز الحركي بالمقام الأول. كما تجد هذه التكيفات والتأقلمات الخاصة للتدريب دورها في قيادة وتحسين عمل مراكز التنظيم العصبية والغدد الهورمونية المؤثرة على إيجابياً على وظائف (جهاز القلب والدوران, الجهاز التنفسي, وجميع أجهزة الإحتراق وتبادل المواد الداخلية).

وأن تلك التكيفات الوظيفية غير الخاصة يمكنها أن تضمن لجسم الرياضي التأقلم السريع وقبل أن يكتسب تأثيراته التأقلمية الخاصة, وذلك في بداية عمل وظائف الأجهزة الحيوية بشكلها الصحيح برياضة المستوى الإنجازي العالي. لذا يجب عدم إغفال بأن التأقلمات الخاصة في التدريبات البنائية العالية المستوى للأجهزة الوظيفية, سوف تتم على حساب مناطق أخرى بالجسم.

ومن مبدأ التأثير المتبادل للتأقلمات الخاصة والعامة يتضح لنا جيداً بأنه ولأجل التوصل إلى مستوى الإنجاز التدريبي العالي أو المحافظة عليه, تصبح ضرورة إستخدام الأحمال التدريبية الخاصة والعامة بشكل متبادل في البرامج التدريبية السنوية. ففي تدريب فعاليات التحمل على سبيل المثال يلعب هذا المبدأ التدريبي دوراً فعّالاً, حيث تعمل تأثيرات التدريب المنتظمة والمتبادلة على رفع درجات التأقلم أكثر في فعاليات التحمل القصيرة الزمن والمتوسطة الزمن وتحمل القوة وتحمل السرعة أيضاً. كما أن زيادة حجم الأحمال التدريبية العامة في المراحل التحضيرية لها أهمية كبيرة من خلال زيادة عدد وحدات التحمل العام التدريبية , والتي سوف ترفع من مستوى التأقلم غير الخاص جرّاء تطور قوة مقاومة الأجهزة الداخلية عالياً.

نستنتج من هذه المباديء التدريبية التي وردت أعلاه, بان هذه المباديء لا تستخدم بشكل معزول تماماً أي الواحدة جنب الأخرى, فهي تتداخل مع بعضها البعض وتكمل بعضها البعض, وتتقارب أحياناً مع بعضها البعض حسب متطلبات المراحل التدريبية . كما يجب أن نعلم بأن هذه المباديء يصعب علينا إستخدامها جميعها في آن واحد , ويجب أن نجرّب دائماً تلك المباديء وبإستمرار , ومدى ملائمتها مع مستوى تلك المرحلة التدريبية أو العمر التدريبي وكذلك مع المحتوى التدريبي لتلك الفترة من الإعداد البدني والتكنيكي ومن الناحية العملية للتقسيم السنوي والمرحلي للتدريب. ويبين لنا الجدول رقم (4) المراحل التدريبية وأهم المباديء المتعلقة بها في التدريب الرياضي.

الجدول رقم (4) نظرة على المراحل التدريبية العمرية وصلتها بمباديء وأسس التدريب

 المراحل التدريبية العمرية للرياضي

    المباديء التدريبية ذات الصلة بالمرحلة

مرحلة التدريب الأساسي
  • مبدأ= مثيرات التحميل الفعّالة
  • مبدأ= العلاقة المثالية بين الحمل والراحة
  • مبدأ=التغيير والإختلاف
  • مبدأ=العمر الصحيح والمناسب
مرحلة التدريب البنائي المباديء السابقة مع الإضافات التالية:

  • مبدأ= الإعادة والإستمرارية
  • مبدأ=رفع مستوى الحمل تدريجياً
مرحلة التدريب الشباب والمتقدمين المباديء السابقة مع الإضافات التالية:

  • مبدأ= الخصوصية التدريبية المتزايدة
  • مبدأ=التقسيم السنوي والمرحلي للتدريب
  • مبدأ=تنظيم عملية التأثيرات المتبادلة
مرحلة رياضة المستويات العليا المباديء السابقة مع الإضافة التالية:

  • مبدأ=التقسيم المتجدد للمراحل التدريبية

يجب الإشارة بهذا الصدد وبصراحة إلى أن تلك الأسس والقواعد التدريبية التي تم تناولها في هذا الموضوع, لا تعتبر أنها زيادة بالمعلومات النظرية لمتطلبات الإنجازات وللعمليات التدريبية الفعلية, ولكنها عبارة عن معلومات ومعارف ضرورية وذات صلة كبيرة للبناء والتطور ويجب أخذها بنظر الإعتبار جيداً من قبل المدربين . ومن النواحي التجريبية والخبرة الميدانية يجب أخذ التدابير اللازمة لإدارة وتوجيه الوحدات التدريبية العملية بصورة علمية أكثر, والتي تهم المدربين إضافة للمعلومات النظرية البحتة , حيث تهمهم التطبيقات العملية لهذه المباديء التدريبية بشكل منفرد أكثر.

كما يجب علينا أن لا ننسى دور التجارب والبحوث العلمية في رفع وتطوير الإنجازات والأرقام القياسية العالمية بالوقت الحاضر, وذلك إلى جانب التجارب والخبر الميدانية الكبيرة والناجحة للمدربين والخبراء, فكلاهما أصبح اليوم ضرورياً ولا يمكن افستغناء عن واحدة على حساب الأخرى.

مبدأ إعادة بناء وتجديد الفعالية البايولوجية أثناء وبعد التحميل: يعد موضوع بناء وتجديد العمليات والفعاليات البيولوجية لأجل تهيئة وتحضير أجهزة جسم الرياضي جيداً لتقبل الأحمال التدريبية ورفع مستوى الإنجازات في السباقات والبطولات المهمة, من المواضيع العلمية التدريبية الحديثة وكمبدأ مهم من مباديء حمل التدريب الرياضي المعاصر, حيث قمنا بترجمة هذا الموضوع من أحدث المصادر الألمانية المتوفرة عندنا بالوقت الحاضر, رغبة منا في تنوير المدربين بالوطن العربي بأحدث المعلومات العلمية في علوم التدريب الرياضي الحديثة, حيث أن عمليات إعادة البناء والتجديد لمخزون مواد الطاقة المستنفذة أثناء التدريب, وكذلك المناطق البيولوجية المستهدفة بالجسم معها تحدث في فترات زمنية مختلفة, وبذلك تزيد من صعوبة تخطيط عمليات التدريب لدى المدربين بشكل كبير. إذ أن إعادة بناء وتجديد مركبات الطاقة بالجسم سوف تسير وكما في الشكل التوضيحي التالي. (Zintl F. : 2009):

أما بالنسبة للحسابات الدقيقة لهذه الفعاليات البيولوجية فيمكننا مشاهدتها من خلال العلاقة الواضحة بين مخزون مادة الكلايكوجين التي سوف تلعب دوراً هاماً في إنجازات فعاليات ومسابقات التحمل وسوف تستغرق مدة (5 – 7 أيام) لبناء وتجديد هذا المركب غني الطاقة, أما عندما تستخدم الشوارد والأملاح والهورمونات على سبيل المثال خلال الحمل التدريبي وبشكل قوي وفعّال, أو عندما يستخدم بروتين بيوت الطاقة في منتصف تلك الفعاليات بشكل كبير. وليس من السهولة وأثناء التدريب العملي أن نستطيع تحديد فترات الراحة بين مثيرات أحمال التدريب في طريقة التدريب الفتري أو المتقطع, وبذلك من الصعب تحديد فترة أو مدة الراحة البينية المطلوبة بين تلك الإعادات التحميلية بالتدريب بصورة تامة ومثالية. هذا إضافة إلى حجم وشدة الحمل التدريبي المسبق, وكذلك إلى مستوى قابلية التأقلم الفردية للرياضي بعد الحمل التدريبي. كما أن التغذية والإجراءآت التدريبية الأخرى والمستخدمة كعوامل مؤثرة على فترة إتمام تلك التكيفات البنائية والتجديدية للمواد المستنفذة.

وأخيراً وإلى جانب أهمية هذه المعلومات والمعارف النظرية لعمليات إعادة بناء وتجديد مركبات الطاقة البيولوجية , تصبح الخبرة والملاحظة الشخصية للمتدربين بإنفراد هي العلاقة الأهم في تحقيق النتائج الإيجابية , لاحظ الجدول رقم (5) الذي يبين معلومات هامة توجيهية وتلخيصية لهذه الفعاليات البيولوجية:

الجدول رقم (5) معدلات الفترات الزمنية لسير عمليات إعادة البناء والتجديد, وكذلك مستويات الحمل التدريبي التي جاءت من نتائج دراسات مجموعة باحثين:
(Keul et. al. 1986 , Kindermann 1978 , Badtke et. al. 1995)

ولذلك يجب الإنتباه إلى أن فترات إعادة بناء مركبات الطاقة سوف تتعلق بمستوى تلك التحميلات التدريبية وكذلك بطول فترات الراحة بين التمارين وبعد مدة إنتهائها معاً, كما وتتعلق بتجميع الحجوم التدريبية ومدة إستمرارها (الدوائر الصغرى).

أما بالنسبة لمرحلة أو خطة التحضير المباشر للسباقات أو البطولات المهمة , فيتم إستخدام وسائل تحميل خاصة بهذه المرحلة التدريبية والتي تسبق السباقات والبطولات المهمة كبطولات العالم والدورات الأولمبية , ويطلق عليها بفترة التهدئة (Tapering), وبالجانب العملي لها أهميتها القصوى وفاعليتها الكبرى للإنجاز. أن هدف فترة التهدئة هذه هو الحصول على فترة راحة كافية ومثالية لجسم الرياضي من النواحي البدنية والنفسية, وذلك من خلال تخفيض مستوى الأحمال التدريبية جيداً والتخلص من التعب ولأجل زيادة مخزون مواد الطاقة , ويتم تخفيض الحمل التدريبي بطريقتين أما بصورة متدرجة أو بصورة مباشرة فجائية.

وكلما كان تخفيض الحمل التدريبي لازماً في تلك الفترة, يجب أن يتعلق ذلك بنوعين من الإجراءآت, وذلك عندما تكون فترة التهدئة عبارة عن فترة تحميلية متصاعدة (وهي فترة رفع مستوى الحمل), أو غير ذلك وبدون فترة رفع وزيادة بمستوى الحمل أكثر. ويجب أن يقع التخفيض المطلوب بالحمل التدريبي بحدود 31% في فترة التحميل الأقل, ويقع التخفيض بحدود 39% في فترة التحميل الأكثر, وهذه النسب من مستوى الأحمال المثالية الحقيقية لقدرة تحمل جسم ذلك الرياضي. وبهذا يتم تخفيض الحجوم التدريبية وليس الشدة التدريبية, وتستغرق فترة التهدئة هذه بين 4 أيام وحتى 4 أسابيع (Weinek : 2007 S. 106).


اعداد وتقديم: الاستاذ الدكتور أثير محمد صبري احمد الجميلي

شاركونا تعليقاتكم حول الموضوع،،