مفھوم النقل الحركي من وجھة النظر البیومیكانیكي وفق حركة كتل أجزاء الجسم وسرعتھا

تناول العدید من الباحثین والمھتمین في مجال التعلم الحركي مفھوم النقل الحركي الذي یحدث بین أجزاء الجسم المختلفة خلال تطبیق المھارات والحركات الریاضیة , إذ أشار ھؤلاء الباحثون والمھتمون إلى أن ھناك نقلاً حركیاً للقوة یحدث من الجذع إلى الأطراف, ومن الأطراف إلىالجذع وفق نوع المھارة التي تؤدى وحاجتھا لھذا النقل أو ذاك , وھذا ما أكده الباحثون العراقیون والعرب والأجانب في بحوثھم ومحاضراتھمومؤلفاتھم العلمیة ذات التخصص الدقیق. علماً أن قیاس نقل القوة ھذا لدیھم ھو قیاساً نوعیاً.
أن مفھوم النقل الحركي من الناحیة المیكانیكیة بإعتبارات نقل الزخم بین أجزاء الجسم سواء كان زخماً خطیاً (في الحركات الخطیة = س × ك) أو زخماً زاویاً (في الحركات الدورانیة = ك × نق2 × س ز), وذلك بالإستناد والإتفاق مع علماء التعلم الحركي في أن ھناك دور لكتلة كلجزء من أجزاء الجسم في تحقیق ھذا النقل سواء سمي نقلاً حركیاً أو نقلاً زخمیاً , وذلك لأن النقل الحركي كما ذكرنا یكون على نوعین, الأولمن الجذع إلى الأطراف, والثاني من الأطراف إلى الجذع, وكلا النوعین یتعاملان مع كتلة الجذع وكتل الأطراف وحركتھما. ولما كانتالحركة تعني سرعھ محددة, وقد تكون سرعة خطیة كما في حركة الجذع ببعض المھارات , أو تكون سرعة زاویة كما ھو الحال في حركةجمیع أجزاء الجسم . وبما أن الكتل ھي عبارة عن كمیات ثابتة ومعلومة سواء للجذع أو الأطراف , لذا تولدت لدى الباحث فكرة قیاس متغیرالنقل الحركي من خلال متغیرات الكتل والسرعة التي تدل على كتلة الجذع أو الأطراف وحركتھما ووفقاً لما یلي:
– النقل الحركي وفق منظور التعلم الحركي ھو نقل الزخم الحركي وفق مفھوم البیومیكانیك یكون كالآتي:
( نقل الزخم الحركي = كتلة الجذع × سرعتھ + كتلة الأطراف × سرعتھا)
والذي یمكن قیاسھ قبلیاً وبعدیاً لمعرفة مدى تطوره بعد أن یتم قیاس كتلة أجزاء الجسم وسرعھا الخطیة أو الزاویة من خلال التحلیل.
إلا أن الجانب الأھم في ھذا الموضوع سواء كان نقلاً حركیاً أو نقلاً زخمیاً , ھو من أین یبدأ نقل الحركة أو الزخم , وإلى من ینتقل , أي أینیبدأ وأین ینتھي وفق المنظور التشریحي والمیكانیكي وطبقاً لھدف الحركة.
أن ضبط وتوقیت مشاركة المفاصل المختلفة في الناتج النھائي للدفع تعتبر عاملاً رئیسیاً في زیادة الحد الأقصى للدفع النھائي , فعدم توافرالتوافق المناسب في تجمیع مشاركات الدفوع الإضافیة لأجزاء الجسم في الدفع الرئیسي یؤثر بشكل ملحوظ في ھذه المحصلة النھائیة , ویظھرذلك في أي حركة دفع أو رمي أو سحب أو رفع.
كما ھناك مبدأ میكانیكي یجب الأخذ بھ بعین الإعتبار ھو أن أجزاء الجسم ذات الأوزان (الكتل) الأكبر التي تشكل مقاومات أكبر تتطلب وقتاًأطول لكي تحقق أقصى سرعة لھا, لذا یجب أن تتحرك أولاً قبل الأجزاء الأقل وزناً , وبھذا الأسلوب نضمن وصول كل الأجزاء المشاركةإلى أقصى سرعة لھا لحظة نھایة الدفع, وبموجب ھذا المبدأ یتحرك الجذع أولاً ثم الفخذ ثم الذراعان ثم الساق ثم القدم ثم الأصابع بھذا الترتیبفي حركة الوثب الطویل من الثبات مثلاً, وتفصیل ذلك كالآتي:
تكون بدایة الحركة بزاویة الوركین التي تسبب في حركة الجذع لیحصل على السرعة الزاویة المطلوبة وبذلك یكتسب الجذع زخماًُ زاویاً ثمتتبعھ حركة مفصلي الكتفین والركبتین التي بحركتیھما معاً یحصلان على سرعة زاویة وبالتالي زخماً زاویاً یضاف إلى زخم الجذع . ثم بعدذلك تكون حركة الكاحلین لیكتسبا أیضاً سرعة زاویة وبالتالي زخماً زاویاً لیضاف إلى زخمالجذع والذراعین والركبتین . نلاحظ مما تقدم أنالحركة إنتھت بالكاحلین وھو آخر الأجزاء التي تترك الأرض عند نھایة الدفع , وذلك یعني أن الحركة ابتدأت بالجذع ثم الذراعین المرتبطتینبالجذع أیضاً فالركبتین فالكاحلین , أي أن النقل الحركي أو نقل الزخم أخذ نفس المسار الحركي لھذه الأجزاء.
والأمثلة الریاضیة التي تثبت أن النقل الحركي أو نقل الزخم یتم أولاً من الكتلة الأكبر إلى الكتلة الأصغر كثیرة, مثال ذلك:
– المشي الإعتیادي یتم تكرار خطوات المشي من خلال مفصل الوركین أولاً ثم الركبتین فالكاحلین سواء بالمرجحة أو الدفع.
– جمیع أنواع الركض یتم تكرار خطوات الركض كما في المشي.
– جمیع القفزات سواء بالرجلین (الوثب والقفز) أو الذراعین (قفزات الیدین بالجمناستك) و إذ تتم الحركة بالمفاصل المرتبطة بالجذع أولاً (الوركین , أو الكتفین) ثم المفاصل الأخرى الأقل كتلة منھا وھكذا.
– جمیع حركات الدفع والرمي والسحب والضرب واللكم والركل , والدفع بالرجلین ( الورك , الركبة , الكاحل ) , بالذراعین ( كتف , مرفق, رسغ , ومشط. )
– الرمي (الجذع , الكتفین , المرفقین , الرسغین , الأمشاط. )
– السحب ( الجذع , الكتفین , المرفقین. )
– الضرب ( الجذع , الكتف , المرفق , الرسغ. )
– اللكم ( الجذع , الكتف , المرفق , الید. )
– الركل ( الوركین , الركبتین , الكاحلین . )
أن ھذا النقل أو الإبتداء بالحركة وفقاً للكتلة الأكبر یرتبط بمبدأ عزم العضلات الذي یرتبط بالكتلة الأكبر , إذ أن الجذع یحتوي على 376عضلة مقسمة إلى 112 زوجاً في الظھر , و52 زوجاً في الصدر , و 8 أزواج في الخصر , و 16 زوجاً في اسفل الصدر, وكل ھذه العضلاتتولد عزوم عند حركة الجذع وھي بلا شك النسبة الأكبر من عضلات الجسم البالغة ( 752 عضلة ) وبذلك تكون محصلة عزوم الجذع العضلیة ھي الأكبر في كل الجسم , وھذه العزوم ھي بالحقیقة القوة المبذولة حول المفاصل المرتبطة مع الجذع الذي تدور حولھ . لذا فأن قوةالإنقباض العضلي للوركین ھي التي تسببفي حصول الجذع على السرعة المطلوبة التي تعد العامل الأساس في نجاح الأداء عند الدفع للوثبالطویل من الثبات.
وأن عزم القوة المطلوب لحركة المفاصل یولد دفع زاوي فیھا یكسبھا أعلى سرعة زاویة والتي تخدم بمجموعھا الدفع اللحظي الخطي للجسملإكسابھ أعلى سرعة خطیة في إتجاه الطیران أو مسار الجسم لأداء المھارة المعینة . وتحقیق العزم المطلوب یرتبط بمبدأ التقلص المركزيللعضلة, الذي یرتبط بالعزم لأداء الواجب الرئیسي للحركة, أي یجب أن یتخذ الجسم أو جزء الجسم الوضع المناسب لتھیئة العضلة بأداءتقلص مركزي موجب دائماً, وھذا ما یحقق العزم المحصل لأي مجموعة من العزوم, وھذا یتطلب مشاركة جمیع أجزاء الجسم التي لھا القدرةعلى المشاركة بالجھد الأقصى لھا أیان مجمع الناتج النھائي للعزوم یعبر عن مجموع الحدود القصوى لعزوم الأجزاء لتحقیق الھدف من تلك المھارة, وھذا یعني مشاركة العزم الأكبر ثم الأصغر, وھذا یعني أن ھناك علاقة بین العزم المدور الذي یتعلق بالتقلص المركزي , وبین شغلالعضلة الذي یتعلق بالقسم التحضیري وكما یأتي:
الشغل = القوة × البعد ( أي المسافة التي تعمل بھا العضلة. ) العزم = القوة × البعد ( ذراعھا)
ودائماً یجب أن تكون قیمة الشغل بالتقلص اللامركزي ( التحضیر ) تساوي قیمة العزم في التقلص المركزي ( الرئیسي ) من الناحیة النظریةلیتم التغلب على كتلة الجسم التي ترتبط بما یبذل من شغل وعزم فیھا , إلا أن ذلك لا یمكن من الناحیة العملیة , إذ أن الفرق بین كلا التقلصینلدى ریاضیي المستویات العلیا یكون دائماً أقل من 5% , وتزید ھذه النسبة لتصبح 45% لدى المبتدئین , وھذه النسبة تسمى العتبة الفارقةللتعبئة , لذا فأن:
الشغل العضلي = العزم العضلي × 95,0 عند المتقدمین
الشغل العضلي = العزم العضلي × 55,0 عند المبتدئین والنتشئین
والبعد في كل من الشغل والعزم یمكن أن یفسر إلى أنھ ناتج السرعة × الزمن
أي یمكن أن یكون العزم والشغل بعد تعویض البعد بما یعادلھ من السرعة والزمن في كل من الشغل والعزم , كما یأتي:
القوة × السرعة × الزمن = القوة × السرعة × الزمن× 95,0
وعندما یكون إرتباط بین العزم المحصل الذي یخدم الدفع اللحظي وفق المعادلة أعلاه (القوة × الزمن) للحصول على أعلى سرعة خطیة للجسم , فأن ذلك یكون الشغل العضلي عند التحضیر لعمل المفصل بأعلى قیمة ممكنة ( تقلص لامركزي مع الجاذبیة ) لكي نحصل على نتاجأكبر لعزم القوة في القسم الرئیسي (تقلص مركزي ضد الجاذبیة ) لكي یكون ھناك نتاج أكبر عزم للقوة في القسم الرئیسي , وعلى ھذا الأساستبنى تدریبات القوة بالإطالة لتطویر شغل العضلة بالوضع التحضیري , وتبنى تدریبات عزم القوة بالوضع الرئیسي ( ضد ومع الجاذبیة ) لكيیكون تطور في العزم العضلي المرتبط أولاً بالمفاصل الكبیرة لیولد ھذا العزم السرعة الخطیة أو الزاویة المطلوبة لتحقیق الزخم الخطي أوالزاویة فیھا لیخدم الزخم المتحقق في المفصل الأصغر وھكذا.
ووفقاً لما تقدم من مناقشة علمیة فأن النقل الحركي یتم دائماً من الكتلة الأكبر إلى الكتلة الأصغر في جسم الإنسان , وبذلك لا یمكن أن نقول أنالحركة إنتقلت من الذراع إلى الجذع أو من الرجل إلى الجذع , أو بشكل عام من الأطراف إلى الجذع , حسب ما تقول بعض المصادرالمتخصصة , ویتناولھ وفقاً لذلك بعض المتخصصین في مجال التعلم الحركي.
_________________________________
المصدر: أ.د. صریح الفضلي: جریدة التربیة الریاضیة / أكادیمیات / العدد (6) الأحد 16 كانون الأول 2012م

شاركونا تعليقاتكم حول الموضوع،،