التشریع في المجال الریاضي
بقلم الاستاذ نعمان عبد الغني
أخذت التشریعات الریاضیة مركزا ممتازا خلال الحقبة الأخیرة من القرن العشرین، إذ حرصت معظم الدول على أن تتضمن دساتیرها نصوصا صریحة تدعو إلى ضرورة الاهتمام بالریاضة والتزام الدولة بھا كوسیلة تربویة للنشء والشباب، ولما كان الدستور بصفة عامة هو التشریع الأساسي للدولة فوفقا لما یخوله الدستور تصدر التشریعات المنبثقة منه سواء كانت قوانین أو نظم أو لوائح أو قرارات، وكل منھا یصاغ بواسطة السلطة التشریعیة أو الأجھزة التنفیذیة في الدولة حسب قوته، فالدستور ھو قمة التشریع وأساس كل التشریعات القانونیة في الدولة، والقانون یلي الدستور من حیث القوة، ویصاغ بواسطة السلطة التشریعیة ویصدر باسم رئیس الدولة وعلى ضوء القانون فلرئیس الجھاز التنفیذي في الدولة حق إصدار التشریعات الفرعیة للقانون وھي ما یطلق علیھا ”اللوائح” وقد یكون الغرض من ھذه اللوائح توضیح طریقة تنفیذ القانون الصادر من السلطة التشریعیة وتسمى باللوائح التنفیذیة، أما إذا كان الغرض منها تنظیم وإنشاء هيئة أو مشروع فإنھا تسمى باللوائح التنظیمیة وهذه اللوائح التي تصدر من رئیس الجھاز التنفیذي سواء كانت تنفیذیة أو تنظیمیة لا ترقى إلى مرتبة القانون.
على ھذا التدرج في التشریع نتیجة ھامة. بمقتضاھا انھ لا یجوز لتشریع أدنى مخالفة تشریع أعلى منھ، فلا یجوز لتشریع فرعي كاللوائح أن تتضمن حكما مخالفا لتشریع عادي كالقانون، كما لا یجوز لتشریع عادي كالقانون أن یخالف قاعدة من قواعد الدستور. وعند تطبیق هذه المبادئ والمفاھیم القانونیة على التشریعات في المجال الریاضي ابتداء من الدستور نجد الأتي:
- تضمنت الدساتیر نصوصا صریحة تفید الأخذ بالریاضة كوسیلة تربویة للشباب.
- وبناء على ما نص علیھ الدستور یصدر تشریع عادي أي یصدر قانون یتضمن إنشاء ھیئة حكومیة مسئولة عن الریاضة في الدولة، وقد تكون هذه الھیئة وزارة أو مجلسا أعلى أو ھیئة علیا أو غیر ذلك.
- ھذا یصدر رئیس الجھاز التنفیذي التشریعات الفرعیة، أي اللوائح التنفیذیة والتنظیمیة لھذا القانون.
والقانون الصادر بإنشاء هذه الھیئة الحكومیة المسؤولة عن الریاضة واللوائح التنفیذیة والتنظیمیة الصادرة بخصوصھ ھي التي تحدد كیفیة إنشاء هذه الھیئة وأھدافھا واختصاصاتھا ومسؤولیاتھا وعلاقاتھا بجمیع الوزارات والھیئات والمصالح والأجھزة الأھلیة المعنیة بالریاض.
خصائص وممیزات التشریع الریاضي:
إن القانون یشكل القاعدة الأساسیة في كیان الحركة الریاضیة، حیث أن من أھم أھداف التربیة الریاضیة تنشئة جیل صحیح سلیم یتمتع بأخلاق حمیدة وسلوك سوي، وھذا لا یأتي إلا بوضوح ووضع ضوابط تحكم العلاقات وتلزم الأفراد أثناء النشاط وقبلھ وبعده.
- التعدیلات في القواعد والأحكام سواء بالإضافة أو الحذف كثیرا ما تفرض نفسھا في التشریع الریاضي نظرا لتطویر النشاط المستمر أو لما قد تفرضھ الظروف أثناء التطبیق لذلك یجب أن یتضمن النظام الأساسي واللوائح المنبثقة منھ ما یفید تعدیل الأحكام بما یضمن الاستقرار في التشریع والحاجة الملحة للتعدیل.
- الجزاءات الواردة في أحكام التشریع الریاضي تختلف تماما عن العقوبات في التشریعات القانونیة الأخرى، حیث إن الجزاءات الریاضیة مرتبطة بالجانب التربوي للریاضة وتعتبر جزاءات تأدیبیة القصد منھا غرس الصفات الحمیدة في الأشخاص مثل الصدق والولاء والنظام واحترام الغیر، ولیس الردع والتنكیل والقصاص، وأي عقوبة توقع بمعنى التجریم تعتبر خروجا عن المفھوم الحقیقي للجزاء الریاضي ویجب مراعاة ذلك في أحكام التشریع الریاضي.
ضرورة الجزاء والھدف منھا:
من الخصائص الجوھریة لقواعد القانون أن تكون ملزمة مصحوبة بجزاء یتسم بنوع من القھر والإجبار یوقع عند مخالفتھا. ھذا الجزاء ضروري كوسیلة فعالة تكفل احترام الناس للقانون والسلوك وفقا لقواعده ولكن لاقتران القواعد القانونیة بالجزاء لیس معناه منح الشخص مكانة الاختیار بین إلتزام حكمھا أو التعرض لجزائھا فالقاعدة ھي الأصل والجزاء مقرر على سبیل الاحتیاط. والجزاء وسیلة للضغط على من یخالف قواعد القانون لترغمھم للانصیاع لحكمھا ولا محل لھ في حالة خضوع الشخص لحكم القانون، فھذا الخضوع الاختیاري یتحقق به الارتباط بین الفرص التي تواجھھ القاعدة القانونیة والحكم الذي تقرره لھذا الغرض، ولكن الجزاء یكون ضروریا في حالة عدم خضوع لأشخاص لحكم القانون فعن طریقة یمكن إخضاعھم لحكمه، فیتحقق بذلك الربط بین الفرض والحكم بالنسبة لأولئك الذین لا یزالون یعتبرون القانون قانون خوف، لا یراعون أحكامھ إلا عن طریق الإجبار والقھر لا قانون حب یطیعونھ عن طیب خاطر. ولھذا یسلم معظم الفقھاء بضرورة الجزاء وذلك لما یتمیز بھ من خصائص وصور وللنتائج المحققة عن طریقه.