الاشراف التربوي

تعريف الإشراف التربوي :

عملية تفاعل إنسانية اجتماعية تهدف إلى رفع مستوى المعلم المهني إلى أعلى درجة ممكنة من أجل رفع كفايته التعليمية . وكان يتطلع إليه كعملية ديمقراطية تعاونية ، طرفاها المشرف التربوي والمعلم ، تهدف إلى اكتشاف وتفهم أهداف التعليم ومساعدة المعلم ليتقبل هذه الأهداف ويعمل على تحقيقها .

إن التعريف السابق يمثل نقلة نوعية تبتعد كثيرا عن مفهوم التفتيش وممارسة القائمين عليه ، إذا يلغى نهائيا الاستعلاء على المعلمين وتجريحهم وتصيد أخطائهم . كما يتجاوز التوجيه الفني الذي قد يقف عند حدود متابعة عمل المعلمين في المدارس ومحاولة تصحيح ممارستهم على ضوء الخبرة والنصيحة الوافدتين من خارج المدرسة ، لارتباط التوجيه الفني بتميز الموجه في مادة تعليمية بعينها .

أما الإشراف التربوي فقد أزال الحاجز النفسي بين المعلم والمشرف التربوي عندما اعتبرهما طرفين في عملية واحدة يتعاونان على بلوغ أهدافهما . وهكذا تصبح غاية المشرف التربوي تطوير العملية التعليمية ، وهو أمر لا يوحي للمعلم بأي معنى من معاني العجز والضعف أمام المشرف التربوي .

وقد عرفة بعض التربويين بأنه :
عملية قيادية تعاونية منظمة تعنى بالموقف التعليمي بجميع عناصره من مناهج ووسائل وأساليب ، وبيئة ومعلم وتلميذ ، وتهدف إلى دراسة العوامل المؤثرة في ذلك الموقف وتقييمها للعمل على تحسين التعلم وتنظيمه ، من أجل تحقيق الأفضل لأهداف التعلم والتعليم

وهذا تعريف آخر :
” الإشراف التربوي هو جميع النشاطات التربوية المنظمة التعاونية المستمرة ، التي يقوم بها المشرفون التربويون ومديرو المدارس والأقران والمعلمون أنفسهم ، بغية تحسين مهارات المعلمين التعليمية وتطويرها ، مما يؤدي إلى تحقيق أهداف العملية التعليمية – التعلمية ” .

تطور مفهوم الإشراف التربوي :
هناك قوتان أساسيتان قد أثرتا في النمو السريع للإشراف التربوي
.
أما الأولى ، فتمثل حصيلة عوامل اجتماعية ثقافية ، كالنمو السكاني ، وتغير المجتمع المحيط بالمدرسة ، والاهتمام بجودة التعليم . وأما الثانية ، فتمثل النظريات والبحوث التي ظهرت في هذا المجال . إذ أن النظريات المطروحة والدراسات الميدانية في العلوم السلوكية فتحت آفاقاً جديدة في التفكير بطبيعة أهداف الإشراف التربوي وممارساته ، ودور المشرف التربوي ، ومركزه ، وسلطته ، وما إلى ذلك .

مهمات الإشراف التربوي

أ ـ الانتقال بالعملية التربوية من التعليم إلى التعلم :

إذا لا معنى للتعليم إن لم تتضح آثاره في التعلم ، فلا يكون التعليم نقلا للمعارف بل يصبح وسطا لا كتساب المعارف وتحليلها ومعالجتها والتصرف فيها . وهذا يؤكد صعوبة مهمة المشرف التربوي في متابعته لأعمال المعلمين . إذا لا تكتفي زيارة المفتش للمعلم في جولة خاطفة وتقييم ثمرات عمله كما تعكسها إجابات الطلبة على الأسئلة الموجهة لهم بخصوص مادة الدراسة ، كما لا تكتفي مراقبة الموجه لحصة صفية حتى يتعرف على كفاية المدرس في التعليم وإدراكه لأغراضه وممارسته لأساليبه العلمية في إثارة اهتمام التلاميذ بالتعلم ومراعاة قدراتهم وحاجتهم واستعداداتهم ، بل يحتاج أن يكون اتصاله بالطلبة أوسع ، وتفاعله مع المعلم أوثق.

ب ـ الانتقال من المعرفة إلى تنمية أنشطة التفكير :

حيث يبرز هنا دور المشرف التربوي في تقييم وضع المناهج ومساهمته في إعداد المعلمين .

ج ـ الانتقال من تقييم معلومات المدرس إلى بناء نظام قيمي لديه :

وهذا يتطلب أن يقتحم المشرف التربوي هذا الميدان ليساعد المدرسين على تجاوز المشكلات التي يواجهونها في عملهم حينما يركزون على مخاطبة عقول الطلاب ويتجاهلون جوانب حياتهم الوجدانية والاجتماعية والحس الحركية .

د ـ الانتقال من تقييم المدرس إلى تقييم المدرسة وتفاعلها مع البيئة :

فالمبادئ التربوية الأساسية تنظر إلى التربية باعتبارها عملية متكاملة ، ولذلك فإن الفصل بين مهمات المشرفين التربويين المتخصصين بموضوعات الدراسة المختلفة يؤكد الابتعاد عن الالتفات إلى أحوال المدرسة والجوانب الإدارية فيها ، وهي عوامل هامة في نجاح العمل التعليمي التعلمي أو في فشله .

هـ ـ الانتقال من دراسة المدرسة إلى النظام التعليمي وعلاقاته بغيره :

فالمعلم في المدرسة لا ينطلق إلى عمله من فراغ ، وإنما من نظام تعليمي عام يتصل بأنظمة المجتمع الأخرى سياسة واقتصادية ودينية واجتماعية عامة . ولا يمكن للمشرف التربوي أن يقدم مساندة للعمل التعليمي التعلمي وكأنه لا يتأثر بالنظام التعليمي بشكل عام وأنظمة المجتمع الأخرى .

مهمات المشرف التربوي فيما يلي

أولا ـ تهيئة المعلمين الجدد لعملهم :
يتم إعداد المعلمين للمهمات التعليمية في كليات إعداد المعلمين ، ويتم تدريبهم على مطالب العمل ميدانيا أثناء الدراسة . ولكنهم من ناحية عملية يواجهون مشكلات حقيقة عندما يباشرون أعمالهم الفعلية في المدارس التي يعينون للعمل فيها .
وتقع على جهاز الإشراف التربوي بالتعاون مع إدارة المدرسة مسؤولية المعلمين الجدد لعملهم .

ثانيا ـ عقد الدورات للمعلمين أثناء الخدمة :
يتصل المشرف التربوي يوميا بالميدان في هذه المدرسة أو تلك ، ويطلع على جوانب العمل وعلى المشكلات التي يواجهها المعلمون ، وعلى جوانب النقص في الخدمات التعليمية المقدمة للتلاميذ . وعلى ضوء ذلك يستطيع المشرفون التربويون ، وبجهد تعاوني اقتراح بعض الدورات التي تعالج جوانب الضعف التي يلاحظونها ، ومن هذه الدورات ما يلي :
1 ـ دورة لاستخدام الحاسب في التعليم .

2 ـ دورة لتعليم معلمي المرحلة الأساسية استخدام أسلوب المجموعات في التعليم .
3 ـ ورشة عمل في القياس والتقييم التربوي لتحسن أداء المعلم في الاختبارات .
4 ـ ورشة عمل لتدريب المعلمين على استخدام المواد الأولية المتوفرة في البيئة في صنع الوسائل التعليمية .
5 ـ دورة لتدريب المعلمين على إثارة اهتمام الطلبة بالأنشطة ،
6 ـ دورة للمعلمين المشرفين على المكتبات المدرسية لتعريفهم بالأساليب المناسبة لتفعيل دور واجتذاب الرواد إليها .
7 ـ دورة لتدريب المعلمين على طريقة جديدة في التدريس .

ثالثا ـ تنظيم اجتماعات مع المدرسين :
وقد تأتي هذه الاجتماعات في مطلع العام الدراسي الجديد ، حيث يلتقى المشرف التربوي بمدرسي إحدى المواد ويناقش وإياهم المنهج الدراسي لهذه المادة والكتاب المقرر وكفاية دليل المعلم .
ويكون من ثمرات هذا الاجتماع إثارة انتباه المعلمين لبعض الجوانب الهامة في المنهج ، والوقت المناسب من الفصل الدراسي لتناول هذا الجاذب .
كما قد يأتي الاجتماع بمناسبة اقتراب موعد الامتحانات النهائية .
كما قد يأتي الاجتماع بعد انتهاء الامتحانات ، وقد يأخذ الاجتماع شكل ورشة عمل لتحليل الأسئلة التي أستخدمها المعلمون .

رابعا ـ العمل على تطوير المنهج :
إن عملية تطوير المهج ليست مهمة الإدارة العامة للمناهج بوزارة التربية والتعليم ، وإن كانت هذه الإدارةة هي من ينظم عملية التطوير ، وتطوير المنهج ليس عملا إفرادياً يقوم به المختص التربوي . بل يأتي التطوير كثمرة لجهد مشترك يساهم في تحقيقه المشرف كقائد تربوي بالتعاون مع المعلمين الذي نفذوا توجيهات المنهج ميدانيا .
كما يساهم في العمل على تطوير المنهج الطلبة الذين تعايشوا مع الخبرات التي يتيحها المنهج وتدارسوا المعلومات والمعارف التي ركز عليها .

خامسا ـ عرض نماذج للمحاكاة في إدارة الصفوف :
إن نجاح عمل المعلم في داخل غرفة الصف يتأثر بشكل كبير بنجاحه في إدارة الصف ، فلا يكفي أن يكون المعلم متعمقا قي مادة تخصصه ، وأن يكون المنهاج حديثا ومتطورا ، كما لا يكفي اعتماد طرق متميزة في التدريس واستخدام وسائل نافعة إن لم يجد المعلم سبيلا إلى إدارة الصف بطريقه فعاله .
ويستطيع المشرف التربوي ، ومن خلال زيارته الميدانية أن يتعرف على المعلمين اللذين يكونون قدوة في هذا الأمر ، ويعقد بعد كل حصة حلقة لمناقشة الاستراتيجيات التي اتخذها المعلم ويقدم تفسيرا لكل استراتيجية بما يساعد على توليد القناعات بالأخذ بمثل هذه الاستراتيجيات في العمل .

سادسا ـ المشاركة في اختيار المعلمين وتوزيعهم على المدارس :
المشرف كحلقة وصل بين الإدارة في المركز والميدان يستطيع أن يساهم مساهمة فعالة في تقديم صورة عن احتياجات المدارس من المعلمين في واحد أو أكثر من التخصصات ، كما يساعد في التوصية باختيار المعلمين الذين يناسبون حاجات هذه المدرسة أو تلك في تخصـص معين .

سابعا ـ تشجيع المعلمين على تجاوز إطار الكتاب المدرسي المقرر لتحقيق أهداف المنهج :
كثيرا ما يميل المعلمون إلى الالتزام الحرفي بالنصوص الواردة في الكتب المدرسية
المقررة ، باعتبارها مواد تعليمه منتقاة بحذر وعناية تبعدهم عن الوقوع في الأخطاء المحتملة وهذه النصوص هي نماذج تمثل متطلبات المنهج ، ولكنها لا تعكس كل مقوماته .
وإذا كان المعلم يلتزم بحرفيات الكتاب المقرر ولا يجد من يثير اهتمامه بالمواد التعليمية المساعدة على استكمال تحقيق أهداف المنهج خارج إطار الكتاب المدرسي يكون قد أقفل
أمام التلاميذ بابا واسعا من أبواب تحصيل المعرفة واكتساب الخبرة . ولذلك يلجأ جهاز
الإشراف إلى إعداد مواد تعليمية متنوعة : يتصل بعضها بالاكتشافات والمخترعات الحديثة ، ويتصل بعضها بالنماذج المتنوعة للإنتاج ، ويتناول بعضها الأخر الأحداث ويطرح
بعضها للنقاش طبقا لما يستحوذ على اهتمام الناس في المنطقة التي توجد فيها المدرسة .

ثامنا ـ استثمار المشرف لموقعه كحلقة اتصال بين الإدارة والميدان في العمل على تكامل دوريهما :
للمشرف التربوي أهمية باللغة في توفير التغذية الراجعة للعاملين في الأنشطة المختلفة في مجال التربية والتعليم ، على مستوى التخطيط والتنظيم والقيادة والتطوير والتقويم والعلاقات مع البيئة المحلية .

وسائل وأساليب الإشراف والتوجيه
أولاً ـ الزيارة الصفية :
تعتبر زيارة المشرف التربوي للمعلم في صفه من الأساليب الفردية المباشرة في الإشراف والتوجيه ، ولعل هذه الوسيلة من أقدم أساليب المتابعة والتقييم التي لجأت إليها إدارات التعليم .
والزيارة الصفية بصورتها المباشرة تساعد المشرف على الإطلاع على عملية التعلم والتعليم كما تسير بصورتها الفعلية ولا تتوقف عند حدود الحديث عنها . وتعطي الزيارة الصفية فرصة للمشرف للإطلاع على عمل المعلم وعمل الطلاب والبيئة التي يعملون فيها والوسائل والأدوات التي تستخدم في التعليم . ولذلك نجد أنظمة تعليمية كثيرة تعتمد الزيارة الصفية كوسيلة أولى للإشراف والتوجيه .

أنواع الزيارات المشرفين التربويين

• الزيارة المفاجئة للمعلم : وهي قليلة الحدوث في الوقت الحالي ، ونادراً ما تكون مقررة في خطة التوجيه ، وإنما تنشأ الحاجة إليها عندما يكثر التذمر من أحد المدرسين من إدارة المدرسة أو الطلبة وأولياء الأمور . فيقوم المشرف بمثل هذه الزيارة مرة أو أكثر لدراسة أحوال المعلم والتأكد من صحة الشكوى المرفوعة ضده . فهذه الزيارة تفتيشية وليست توجيهية ، وهي لا تخدم المعلم كما لا تخدم عملية التعليم بصورة مباشرة .

وفي بعض الحالات يلجأ المشرف إلى أسلوب المشغل التربوي ، حيث يحدد المشرف سلفاً الخبرات التي سيتم تمرير المعلمين فيها وإشراكهم في معالجة موضوعاتها .

ثالثاً ـ المداولات التوجيهية الفردية والاجتماعات بمعلمي الفرد :
إن المداولات التوجيهية الفردية بين المشرف التربوي والمعلم غالباً ما تكون الفائدة المرجوة منها محصورة بالمعلم الواحد ، ولكنها من ناحية سيكولوجية قد تترك أثراً فعالاً
في تعديل مواقف المعلم تجاه مهنته على المدى الطويل ، وهذا الأثر له انعكاسات واسعة على المجموعات الكبيرة من الطلبة الذين يتأثرون بسلوك المعلم الواحد ، ولذلك فهو يستحق الجهد المبذول في خدمته عن طريق المداولات الفردية مع المشرف .

رابعاً ـ الدروس التطبيقية النموذجية :
قد يتخوف بعض المعلمين من تجربة الأفكار التي يطرحها المشرف التربوي ميدانياً في غرفة الصف ، وقد يتشكك بعضهم في إمكانية تطبيق الأفكار أصلاً ويعتبرها مجرد طروحات نظرية ، فيأتي الدرس التطبيقي على مجموعة من الطلبة أمام المدرسين دليلاً عملياً على إمكانية ترجمة الفكر إلى واقع ملموس . وتتلو الدرس التطبيقي بطبيعة الحال مناقشات تعزز القناعة في استخدام الأسلوب المتبع فيه والاستراتيجيات التي اعتمد عليها .

خامساً ـ تبادل الزيارات بين المعلمين :
مهما بذل المشرف التربوي من جهد في طمأنة المعلم بأنه يسعى لعونه ، ومهما تودد إليه تظل زيارة المشرف للمدرسة حدثاً غير اعتيادي بالنسبة للمعلم . ويتأثر سلوك المعلم في داخل الصف كثيراً بحضور المشرف للحصة الدراسية وذلك بسبب التباين بينهما في سلم الوظيفة .
فإذا كانت الزيارة من جانب معلم لآخر ، وكانت متبادلة بين المعلمين ، وهم من مستوى وظيفي واحد ، فإنها تكون أقل إثارة للقلق ولا تسبب حالات الارتباك التي يعاني منها بعض المعلمين بحضور المشرف التربوي . وهذا يعني أن المعلم الزائر يشاهد دروساً طبيعية إلى حدٍ كبيرٍ ، ويحاور زميله في جوٍ أكثر ودية ، وقد لا يخجل من الاستيضاح والاستفسار عن بعض الجوانب التي يتردد في سؤال المشرف عنها .

سادساً ـ الدورات التجديدية أثناء الخدمة :
عند الحديث عن مهمات الإشراف التربوي اعتبرنا أن المشرف التربوي مسؤول عن تحديد حاجات المعلمين لإعادة التأهيل على ضوء زياراته الميدانية أو اجتماعاته بالمدرسين أو من خلال الاستفتاءات التي ينظمها لهم ، أو غير ذلك من الاتصالات .
كل هذه الأمور يمكن أن تكشف عن بعض جوانب القصور في برامج إعداد المعلمين قبل الخدمة ، أو تكشف عن عيوب في طريقة ترجمتهم للإعداد العلمي النظري في ميدان عملهم ، أو تكشف عن تقصير بعضهم في متابعة التجديد في مجالات التربية . مما يستدعي الترتيب لعقد دورات في الصيف من كل عام يكون بعضها لمعلمي إحدى المواد الدراسية التي دخلت تعديلات جوهرية على مناهجها .

سابعاً ـ المؤتمرات التربوية والمعارض التعليمية :
يلتقي في المؤتمرات التربوية نخبة من ذوي الخبرة والمعرفة ، فيقدم بعضهم أوراق عمل تتناول موضوعات الساعة في ميدان التربية