ظهرت المدرسة الجشطلتية على يد ماكس فريتمر ، كورت كوفكا و فولف جالج كوهلر هؤلاء العلماء المؤسسون رفضوا ما جاءت به المدرسة الميكانيكية الترابطية من أفكار حول النفس الإنسانية. فقاموا بإحلال المدرسة الجشطلتية محل المدرسة الميكانيكية الترابطية، و جعلوا من مواضيع دراستهم: سيكولوجيا التفكير و مشاكل المعرفة…
المفاهيم الجشطلتية
الجشطلت هو أصل التسمية لهذه المدرسة, و يعني كل مترابط الأجزاء باتساق و انتظام، بحيث تكون الأجزاء المكونة له في ترابط دينامي فيما بينها من جهة، و مع الكل ذاته من جهة أخرى. فكل عنصر أو جزء من الجشطلت له مكانته و دوره و وظيفته التي تتطلبها طبيعة الكل
البنية :-تتكون من العناصر المرتبطة بقوانين داخلية, تحكمها ديناميا و وظيفيا.
الاستبصار :-كل ما من شأنه اكتساب الفهم من حيث فهم كل الأبعاد و معرفة الترابطات بين الأجزاء و ضبطها.
التنظيم :-تحدد سيكولوجيا التعلم الجشطلتية القاعدة التنظيمية لموضوع التعلم التي تتحكم في البنية.
إعادة التنظيم :-ينبي التعلم على إعادة الهيكلة و التنظيم نحو تجاوز أشكال الغموض و التناقضات ليحل محلها الاستبصار و الفهم الحقيقي.
الانتقال :-تعميم التعلم على مواقف مشابهة في البنية الأصلية و مختلفة في أشكال التمظهر.
الدافعية الأصلية:-تعزيز التعلم ينبغي أن يكون نابعا من الداخل.
الفهم و المعنى:-يتحقق التعلم عند تحقق الفهم الذي هو مشف استبصاري لمعنى الجشطلت، أي كشف جميع العلاقات المرتبطة بالموضوع، و الانتقال من الغموض إلى الوضوح.
التعلم و النظرية الجشطلتية
نظرة المدرسة الجشطلتية للتعلم تختلف عن نظرة السلوكية، فإذا كانت هذه الأخيرة، و كما سبق ذكره تربط التعلم بالمحاولة و الخطأ و التجربة, فالمنظرون للنظرية الجشطلتية يعتبرون أن التجارب على الحيوانات, لا يمكن تطبيقها على الإنسان, و في هذا الصدد يقول كوفكا :
يعني في المقام الأول أن لا شيء جديدا يمكن أن يتعلم، هو استبعاد بعض هذه الاستجابات, و تثبيت ما بقي منها، و لكن ليس لهذا السلوك أي غرض أو اتجاه, و على الحيوان أن يحاول عبثا…إذ ليس للحيوان أدنى فكرة عن السبب الذي من أجله يتحول سلوكه…إنها تتعلم بطريقة عمياء.و هكذا دون ذكر كافة انتقادات الجشطلتيين للسلوكيين, فالتعلم حسب وجهة نظرالجشطلتيين يرتبط بإدراك الكائن لذاته و لموقف التعلم, فهم يرون التعليم النموذجي يكون بالإدراك و الانتقال من الغموض إلى الوضوح. فكوفكا يرى أن الطفل يكون له سلوك غير منظم تنظيما كافيا، و أن البيئة و المجتمع هو الذي يضمن لهذا السلوك التنظيم المتوخى.
إن العلماء الجشطلتيين يرون أن كل تعلم تحليلي ينبني على الإدراك, و هو أيضا فعل شيء جديد, بالإظافة لامكانية انتقاله لمواقف تعليمية جديدة الشيء الذي يسهل بقاءه في الذاكرة لزمن طويل…
مبادئ التعلم في النظرية الجشطلتية
نورد بعجالة مبادئ التعلم حسب وجهة نظر الجشطلت:-
1.الاستبصار شرط للتعلم الحقيقي.
2.إن الفهم و تحقيق الاستبصار يفترض إعادة البنينة.
3.التعلم يقترن بالنتائج.
4.الانتقال شرط التعلم الحقيقي.
5.الحفظ و التطبيق الآلي للمعارف تعلم سلبي.
6.الاستبصار حافز قوي, و التعزيز الخارجي عامل سلبي.
7.الاستبصار تفاعل ايجابي مع موضوع التعلم.
النظرية الجشطلتية و التربية:-
ساهمت نظرية التعلم في تغيير و تطوير السياسات التعليمية و التربوية في عدة دول، ذلك في النصف الأول من القرن20. تحتكم بيداغوجيا الجشطلت من مبدأ الكل قبل الجزء، الشيء الذي يعني إعادة التنظيم و البنية الداخلية لموضوع التعلم.
لقد استفاد الديداكتيك من النظرية الجشطلتية، فأصبح التعليم يبدأ من تقديم الموضوع شموليا، فجزئيا وفق مسطرة الانتقال من الكل إلى الجزء، دون الإخلال بالبنية الداخلية، و في نفس الوقت تحقيق الاستبصار على كل جزء على حدة.
و هكذا فنظرية الجشطلت ساهمت بحد كبير في صياغة السيكولوجيا المعرفية, و بالخصوص سيكولوجيا حل المشكلات…
مصادر و مراجع
1.-التعلم و الشخصية أنور محمد الشرقاوي، مجلة عالم الفكر، المجلد 13 ،1982, ص 22
2.- Productive thinking, wertheimer, New York, Harper, 1959, p.23
3.The Growth of the mind, koffka-, Haepcott Press, 1965, p. 155