ان اهم ما يميز عصرنا الحاضر هو السرعة في تطور التقنيات الحديثة وتأثيرها في ميادين الحياة المختلفة. وتعد الاجهزة والادوات الرقمية الالكترونية هي السمة المميزة لعصرنا الحديث. حيث ان عالمنا المعاصر يشهد ثورة علمية وتكنولوجية متصاعدة وما يصاحب هذه الثورة من تغيرات في كافة ميادين الحياة واهمها الميدان التربوي. إذ ان العملية التربوية تحتل الان دوراً مهماً وفعـالا بعد تسخير الوسائل والتقنيات الحديثة وتوظيفها لمواكبة التقدم العلمي.
ان التعلم بمساعدة الاجهزة الالكترونية وتكوين البيئة الافتراضية الرقمية تحتل الان دوراً مهماً في العملية التربوية بمختلف مستوياتها وانظمتها وذلك لما يوفره هذا النظام التعلمي من معطيات ومكاسب تربوية مهمة تساهم في تحقيق التعلم الفعال ويتحقق هذا النوع من التعلم عادة عندما ناخذ بنظر الاعتبار جعل المتعلم محورا للعملية التربوية والاهتمام برغباته وميوله واتجاهاته وكذلك البحث عن التقنيات التربوية التي تؤثر في رغبات المتعلم ودراسة افضل الطرائق التي تساعد المتعلم على تحقيق تعلم بكفاءة وفاعلية اكثر.
ان استخدام الاجهزة الرقمية الالكترونية وتكوين بيئة التعلم الافتراضية (رقمية) كاداة مساعدة في التعلم يمثل مظهرا بارزا من مظاهر التقدم العلمي إذ اثبتت التجارب فعالية استخدام الاجهرز الالكترونية الرقمية في تعزيز عملية التدريس في التطبيقات التدريسية عن طريق تقديم المفاهيم والعروض وتحليل النظم المختلفة، فضلا عن استخدامه في التطبيقات اللاتدريسية مثل تقويم المناهج والتوجيه وحفظ السجلات.
لتحقيق أهداف التعلم لابد من اعداد جيل جديد من المتعلمين يستطيع ان يتعامل ويتآلف مع التكنولوجيا الحديثة من خلال لغة العصر الا وهي التعلم التكنولوجي الالكتروني، ومن أجل تحقيق ذلك لابد من أن يصبح التعلم الافتراضي التكنولوجي (الرقمي) طابعاً مميزاً للعملية التعليمية بحيث تتحول النظرة للتعلم من الحفظ والتلقين الى الممارسة والتجربة ويتعايش معها المتعلم ويتعلم من خلالها منطلقـاً الى آفـاق جديدة في حل المشكلات من خلال اكتساب الخبرات وتعلم البحث العلمـي المنتظم المبني على آلية البحث عن المعلومات وليس حفظهـا.
ان توفير بيئة للتعلم الافتراضي والتكنولوجي (الرقمي) ليس هدفاً في حد ذاته، وانما هو أداة ووسيلة لسرعة الوصول الى الهدف الحقيقي من تطوير التعلم، وهو تنمية الفكر والابداع والاقناع والفهم وربطه بالتطبيق العملي وتكوين الشخصية العلمية. كذلك تتمثل الفائدة الحقيقية من انشاء بيئة للتعلم الافتراضي التكنولوجي في اعادة صياغة وتوجيه فكر المتعلم الى البحث الذاتي والابداع والابتكار وتكوين شخصية منتجة تعتمد على طريقة التفكير المنتظم والمنطقي وقادر على حل المشكلات وايجاد الحلول.
ان التعلم التكنولوجي (الرقمي) في معناه الشامل يحتوي على جميع الاجهزة والادوات والمواد التعليمية بضمنها الاستراتيجية التعليمية الموضوعة وكيفية استخدامها بالشكل الأمثل والتنظيمات المستخدمة في النظام التعليمي بهدف تحقيق الاهداف الموضوعة، كما يعمل في الوقت نفسه على التحديث والتطوير ورفع الكفاءة.
يمكن القول ان بئة التعلم الافتراضية والتعلم الالكتروني (الرقمي) لا يعني في واقع الامر مجرد استخدام اجهزة وأدوات حديثة ومتطورة بقدر انها تعني في الأصل طريقة في التفكير لوضع منظومة تعليمية، اي انها تعتمد اعتماداً كاملاً على اسلوب اتباع منهج واسلوب محدد، وطريقة العمل تسير في تسلسل واضح المعالم ومنظم وتستخدم فيه كل الامكانات التي تقدمها التكنولوجيا على وفق نظريات التعلم لتحقيق أهداف هذه البرامج، مع زيادة خبرة المتعلم في كيفية استخدام كافة مصادر المعرفة والوسائل التكنولوجية المساعدة لكي يصل الى المعلومة بنفسه، وهذا هو التعلم الايجابي المستهدف من تطوير التكنولوجيا وليس مجرد الابهار التكنولوجي باستخدام الآلات والمعدات الحديثة.
يعد التعلم الالكتروني (E-Learning) واحدا من أدوات ووسائل التعلم التكنولوجي الرقمية وهو بمفهومه العام استخدام الادوات الالكترونية والتكنولوجية للمساعدة في عملية التعلم والتدريس. ولكن التعلم الالكتروني هو أكثر من مجرد استخدام الأدوات البصرية والسمعية الالكترونية التي اعتدنا استخدامها منذ زمن طويل بل أن هذا المصطلح قد برز في الآونة الأخيرة تماشياً مع الأدوات الالكترونية الأخرى كالتسوق الالكتروني والبريد الالكتروني واستخدام منصات التواصل الاجتماعي وكل شيء الكتروني. ومع الانتشار الواسع لشبكة المعلومات العالمية (الانترنت) تطور هذا المصطلح ليغير من طبيعة تعلم الافراد واصبح بالامكان استبدال غرف التعلم الاعتيادية بمجتمعات افتراضية وصور الكترونية مشابهة لبيئة التعلم ومن الممكن ان يجعلها المتعلم خياراً ثانياً يضاف الى خيار غرف التعلم التقليدية.
وقبل الخوض في التفاصيل والأدوات الالكترونية التي تدخل بيئة التعلم الالكتروني، لابد من التذكير بأن شبكة المعلومات العالمية (الانترنت) هي مجرد أنظمة تسليم للمستخدم، اي انها بالاساس مشابهة في عملها بدالات الهاتف الاعتيادية (المقصم) التي تحمل أصواتنا ومحادثاتنـا التي نتبادلها (والآن اصبحت البيانات الرقمية أيضاً بالامكان تبادلها)، فشبكة المعلومات العالمية (الانترنت) اذاً لا تقول شيئاً مما نتبادله من معلومات ومحادثات او المحتوى الذي نحصل عليه كتقنية، لكنها تبقى مجرد وسيلة لتعليب (او تغليف المحتوى) وليس المحتوى نفسه في مفاهيم التعلم والتعليم.
وأدوات التعلم الالكتروني الأساسية هي:
- البريد الالكتروني (Electronic mail).
- منصات التواصل الاجتماعي (Social Media).
- المجالس الالكترونية الجاهزة (وتدعى أيضاً بمجاميع الاخبار) (News groups).
- مجالس المحادثة الالكترونية (Electronic chat rooms).
- قواعد بيانات المصادر والمراجع (وتشتمل على محركات البحث Search engine).
- أدوات المساعدة الالكترونية (تشتمل على المتاجر الالكترونية، والتسويق الالكتروني… وغيرها).
- مؤتمرات الفيديو باستخدام الحاسوب (تشتمل المحاضرات، والحلقات الدراسية وغيرها).
هذه الأدوات يمكن أن تصبح مفيدة في غرف الدراسة التقليدية، ويمكن أيضاً أن تجمع كل تلك الأدوات بطريقة أو بأسلوب معين حتى يمكننا تقليل الحاجة الى غرف الدراسة وزيادة التواصل بين الاستاذ والطالب من خلال مفهوم التعلم الالكتروني. والسؤال المطروح هنا هو هل بالامكان تطوير بيئة التعلم الالكتروني الرقمية والافتراضية لتصبح بديلاً عن التواصل وجهاً لوجه بين الأستاذ والطالب عن بيئة غرفة الدراسة الواقعية؟.
اعداد: الدكتور عمر محمد الخياط.