هنالك جملة اشياء يجب فهمها قبل ان نصل الى كيفية بدء الحركة الكشفية ، واننا اليوم نجد الكشفية على جميع المستويات هي منظمة قومية دولية ، وهي فكرة وحركة هدفها الصبي .
ويجب ان ندرك ان الكشفية كما هي في يومنا هذا ليست انتاجاً صناعياً تم التوصل اليه في معمل ، اذ انها نمت وترعرعت عبر سنوات طويلة نظرا للفكرة الهامة التي تستند عليها .
والافكار قد تكون مفيدة او غير مفيدة ، وقد تكون ذات فائدة خاصة او عامة وفي الحالة الاخيرة نجدها تنمو وتنتقل من جيل لاخر ، وهذا الانتقال يدل على ان الفكرة قد حلت مشكلات عدد كبير من الافراد ، وبالتالي نجد ان الفكرة مرتبطة بمشكلة هامة ، والحاجة الى ايجاد حل لهذه المشكلة هو الذي يضمن استمرار الفكرة ودوامها .
فالكشفية لا زالت حية ، لانها تحل المشكلة التي يواجهها عدد كبير من الافراد الذين هم في حاجة اليها ، والملاحظ ان الملايين تصرف في شتى المجالات على الاعلام والدعاية وذلك بغية خلق حاجات جديدة ، اما بالنسبة للكشفية ففي اولى سنواتها انظم الى صفوفها (195) الف صبي دون ان يستدعي ذلك دعاية من نوع ما . وفي الواقع نجد عدم ظهور الحاجة الى الدعاية من اجل فكرة معينة فهذا يعني ان هذه الفكرة تروق للكثيرين تلقائيا وانها تملي حاجة حقيقية لا داعي لخلقها بطريقة مصطنعة ، والمعروف ان فكرة الكشفية ظهرت في انكلترا ، وان صاحبها هو اللورد بادن باول للاسباب الاتية :
1- لقد ظهرت الاله وصاحبتها الثورة الصناعية التي مهدت الطريق لظهور مدن جديدة ونظم وفرص عمل جديدة .
2- لقد ادى تقدم النظم السياسية والاجتماعية خلال القرن التاسع عشر الى خلق جو ملائم لظهور حركات ومذاهب مثل الاشتراكية الماركسية وغيرها.
3- ان النفعية كنظرية فلسفية ظهرت لاول مرة في انجلترا .
4- لقد كان الاستعمار نتيجة حتمية لسوء توزيع السلطة والموارد الاقتصادية خلال القرون الماضية ، ولا شك انه في هذه الفترة نسي الانسان مهمته كأنسان ، وسمح لنفسه ان يتحول الى قطعة من الة ضخمة وكرد فعل لهذا الموقف ظهرت حركات وفلسفات تنظر الى الطبيعة وتنادى بالعودة اليها والى الحياة البسيطة وبدأت الاجيال الجديدة تبحث عن حلول اخرى ونظم اجتماعية مختلفة لتحل محل النظم القديمة التي ثبت فشلها ، وشهد القرن التاسع عشر ظهور حركات الشباب كما ظهر خلاله التعليم كعلم قائم على قواعد خاصة .
ولقد ادت مجموعة هذه العوامل الى حدوث ازمة في النظام الاجتماعي وظهرت الحركة الكشفية اثناء هذه الازمة عندما حاول الشباب ان يبحث عن وسائل جديدة ليؤكد وجوده .
ومما تقدم يتبين لنا ما يلي :-
1- فترة قلق وازمات شاهدت نمو المجتمع الصناعي والتوسع الاستعماري .
2- شباب يحاول ان يجد مخرجا ومربون يسعون بجد لمساعدتهم ومنهم ( بادن باول ) .
3- فكرة تم تنظيمها الى ان تحولت الى حركة معروفة باسم الكشفية العالمية والكشافة بدأت تنظيم وتحولت الى حركة ، والحركة نبعت من ذاتية الصبي ولم تفرض عليه ، وهذه الحركة تتمشى وتتماثل مع البيئة التي يعيش فيها الفتى .
وهنا نتج سوالاً يطرح نفسه … ما الفرق بين التنظيم والحركة ؟ التنظيم كل حركة شبابية في العالم تبدأ في تنظيم ، فاذا كان لهذا التنظيم برامج تتماشى مع ميل الصبي تحول هذا التنظيم الى حركة والا بقي جامدا ، ولا سيما اذا مارسها الصبي وعن طريق هذه الممارسة يتربى الصبي تربية وطنية قومية سليمة توافق المجتمع الذي يعيش فيه .
وقد بدأ بادن باول بنشر مقالات واحاديث متسلسلة في الصحف والمجلات ولاقبال الفتيان عليها وتكوين الجماعات الطبيعية اخذ هذه الجماعات وعمل لها تنظيم . ولما كان الصبي يرغب ان يشارك غيره ويتعرف على الاخرين ، فان ميله ورغبته دفعت هذا التنظيم للتحول الى حركة .
وان الذي يجعل الكشافة حركة اخوه دولية هو الوعد والقانون وليس البرامج والمناهج ، لان الاخيرة تتغير حسب ميل الاولاد في كل بلد .
وعلى هذا فالكشافة بفكرتها الدولية تستطيع ان تقوم بدور ايجابي فعال في اعداد مواطنين صالحين يقومون بواجباتهم الوطنية كمواطنين اولا والمواطن الصالح هو الذي يعمل لخير الوطن ويطيع روؤساءه ويحترم النظام ومن اجل ذلك فنحن نذكي في نفس الكشافين الا تفكروا بانفسكم بل فكروا دائما بوطنكم فان انكار الذات يصل بكم الى ذروة المجد وغاية الرفعة وليست الوطنية ان تموت في سبيل الوطن بل ان تحسن الدفاع عنه وللكشافة دور هام في هذه الناحية حيث تعد الفتى ببرامجها ووسائلها وتدريباتها وفق احدث الطرق مستغلة العلوم والتكنولوجيا في ايقاد ذكائه وزيادة لياقته البدنية ليكون قادرا وماهرا في الدفاع المدني وفي التدريب متفننا في المهارات اليدوية والتي تساعده على انجاز ما يوكل اليه من مهمات بسرعة ودقة كما ان الخلق الكشفي ينمي فيه الصبر على الشدائد والمرح عند الضيق فنجده سعيداً يبذل قصارى جهده لاشاعة السعادة لمن حوله في المجتمع .
فلسفة التربية الكشفية :
تعتمد التربية الكشفية في فلسفتها الوضوح التام في الاهتمام بتربية الشباب وطنياً وقومياً واعدادهم بما ينسجم والتقدم العلمي والتقني ( التكنولوجي ) وتركيز القيم والمثل الروحية والوطنية والقومية عن وعي وادراك كامل لمناهجها ودمج الفرد بالمجتمع والبيئة لغرض الحصول على :
1- مواطن ايجابي مقتدر على قيادة الجماعة والشباب نير الفكر ذي اتجاهات علمية وتقنية ، مدرك لاهداف بلده وحاجاته.
2- المجتمع المتقدم السعيد .
3- توليد القيم الاجتماعية والانسانية .
4- تشمل خطتها ما يضمن تدعيم خلق الفتى وانماء شخصيته وتعويده على الشعور بالمقدرة الشخصية والقدرة على التحمل والقيادة المبكرة وذلك بالرحلات والجولات والمخيمات وتنمية مهارته في الحرف اليدوية وروح البحث العلمي والاستعداد لخدمة المجتمع والمحافظة على سلامة البيئة وغرس القيم والمثل الوطنية والروحية لانها اساس بحث الحياة وتعبئة القوى والطاقات في المجتمع للتصدي للاطماع والمشاريع والمخططات الاستعمارية ضد البلدان العربية وتهيئة كل الفرص للشباب ليقفوا على ثرواتهم وليعيشوا حياة سعيدة من خلال مشاركتهم بالاعمال والمهام الموكلة اليهم في بناء بلدانهم
وتتلخص خطتها في الادوار او المراحل التي يمر بها الطفل حتى يكتمل نموه وان مفادها هو ( تطبيق الاسلوب الكشفي يحقق النتائج المرجوة على عدة مراحل هي:-
1- التأثير على الانسان بقصد تدعيم خلقه وشخصيته لانماء الروح الوطنية والقومية عن طريق انماء الثقة بالنفس والشرف والكرامة لديه .
2- تدعيم الشعور بالمقدرة الشخصية والقدرة على التحمل مستفيدين من الطاقات الكامنة التي ستظهر اثناء التدريب .
3- تنمية المهارة في الحرف اليدوية مما يؤدي الى زيادة ثقة الفتى في قدرته على الاعتماد على نفسه الامر الذي سيشبعه على ابراز شخصيته والاشتراك الايجابي في المجتمع المحيط به .
4- تنمية الرغبة والاستعداد لخدمة الغير وتعزيزها لدى الفتى على نحو ما جاء ( مبدء مساعدة الناس في جميع الظروف ) .
5- تنمية المشاعر الدينية لدى الفتى وذلك في التأكيد على ضرورة قيام الفرد بواجباته الدينية كما ورد في مبدأ ( أقوم بواجبي نحو الله والوطن ) .
اعداد وتقديم: الاستاذ الدكتور محمود داود الربيعي