التوافق الحركي
الأداء الحركي عملية معقدة ومركبه ، حيث تحتوي على عدة أجزاء ، وهي نوع من تعامل الفرد مع البيئة ، وهو وحدة متكاملة من النشاط تؤدي على أساس قرار اتخذ بطريقة إرادية لغرض تحقيق هدف محدد مسبقاً .
آن الأجزاء المكونة للأداء الحركي ليس لها معنى ما لم تتم في إطار التعامل الكلي باتجاه تحقيق الهدف .
لن أي أداء حركي مهما كان صغيراً لا بد وان يحدث ضمن سلسلة من العمليات الحركية والعقلية والحسية .. الخ وهذه العمليات في الصفات الخارجية للمسار الحركي لا يمكن ملاحظة الا جزء بسيط منها ، وأحسن مثال على ذلك الأداء الحركي في القفز العالي والجمناستك .. الخ ، فبدون هذه العلاقات التنظيمية لا يمكن أداء الواجبات الحركية المطلوبة في تحسين وتحقيق المستوى الرياضي .
وإذا ما أردنا ملاحظة الحقائق أعلاه في الأداء الحركي على أنفسنا أو مشاهدة الغير وحاولنا التأمل فيه وفي كيفية تكوين الحركة من كل جوانبها وارتباط أجزائها مع بعضها فأن ذلك سيقودنا حتماً إلى كيفية التعامل مع بناء وتنظيم الحركة ، وإذا كنا نعلم معنى التوافق الحركي وقوانينه بعض الشيء فأن هذا سيقودنا إلى كيفية إمكانية الوقوف على إشكال وقوانين التوافق الحركي في المسار الحركي .
معنى التوافق الحركي
يعني التوافق الحركي تبويب عدة أشياء ، وهذا الترتيب يختلف من علم إلى أخر ، أي التوافق بين أجزاء الحركة التي يتكون منها الأداء إذا كانت حركة وحيدة او بينها وبين حركات أخرى إذا كانت حركات متكررة أو سلسلة حركية .
ومثال على ذلك طرق السباحة وخاصة عند التوافق بين حركات الذراعين والرجلين او في السلسلة الحركية في الجمناستك .
يقول ( محجوب ، 1989) ( نصيف عن ماينل 1987) بأن :- علم الفسلجة ينظر للتوافق على انه تنظيم عمل العضلات ، وفي البايوميكانيك يعرف على انه منظم مثيرات القوة ويعرفه (Fleishman) على انه قدرة الفرد على أداء عدد من الحركات المركبة في وقت واحد . ويرتبط التوافق الحركي بإمكانية الجهاز الحركي والجهاز العصبي المركزي والذي يتم فيه عملية فهم واستيعاب وتحليل وإدراك الحركة أو البرنامج الحركي فالجهاز العصبي هو المركز الأساسي للتوافق لأنه ينظم الجهد من خلال تنظيم عمل القوة المسلطة من قبل العضلات لكي تتطابق مع المهارة المراد أدائها .
كما يرتبط التوافق الحركي بعمل الاجهزه الداخلية ومدى قدرتها على تنظيم وتنسيق الجهد المبذول طبقاً للهدف من خلال بناء الصفات البدنية والحركية كالقوة والسرعة والمطاولة والرشاقة … وغيرها .
ولذلك فأن تعلم الحركات يكون بدرجات مختلفة وان عمليات التوافق الحركي ليست متساوية بين الإفراد نتيجة اختلاف القدرات والصفات البدنية والحركية بين المتعلمـين . وللتـوافق الحركي أنواع مختلفة منها ما يلي :-
1- التوافق العام والخاص : فالتوافق العام يلاحظ عند أداء بعض المهارات الحركية الأساسية مثل المشي والركض والوثب والدفع والتسلق .. إما التوافق الخاص فأنه ذلك النوع الذي يتماشى مع نوع وطبيعة الفعالية أو النشاط الحركي ففي جميع الفعاليات الرياضية مثل كرة القدم ، كرة الطائرة ، السلة ، الساحة والميدان .. الخ يستوجب من الرياضي أداء توافق خاص طبقاً لنوع المهارة التوافق العضلي والعصبي في مهارة كرة القدم أو مهارة الضرب الساحق في الكرة الطائرة .
2- التوافق بين أعضاء الجسم : هذا التوافق يحدد طبقاً لعمل الجسم خلال أداء المهارات فهناك حركات أو مهارات تتطلب مشاركة وتوافق جميع أعضاء الجسم ككل بينما هناك حركات تتطلب مشاركة القدمين أو الذراعين فقط .
3- توافق القدمين – العين والذراعين : ويحدد (Clarke) التوافق هنا بنوعين ويعتبرهما إحدى مكونات القدرة الحركية العامة وهما :-
أ – توافق القدمين – العين .
ب – توافق الذراعين – العين .
ومن هذه الأنواع التي ذكرناها أعلاه ، يتضح لنا إذ هناك الكثير من المبتدئين عند تعلمهم للمهارة الحركية الجديدة ، يرتكبون العديد من الأخطاء نتيجة مشاركة مجاميع عضلية لا علاقة لها بالأداء الحركي مما يسبب حدوث حركات زائدة لا علاقة لها بخدمة واجب الحركة وتؤثر سلبياً وغير مرتبه وذلك نتيجة استثارة مجاميع عضلية ليس لها صلة بتنفيذ الحركة ، وهذا يستوجب من المتعلم التركيز في العمليات العصبية عند تكرار الحركة ، لإبطال مفعول الإثارة أو الاستثارة العصبية الزائدة للوصول إلى مرحلة التوازن والإثارة إثناء الأداء الحركي والحصول على توافق عضلي عصبي عالي .
العوامل التي تؤثر على التوافق الحركي
1- قدرة الفرد للسيطرة على عمل الجهاز الحركي للجسم : هناك العديد من المفاصل المتعددة التي تتحرك بجميع الاتجاهات ، والسيطرة الحركية على عمل هذه المفاصل كما في رمي الرمح والثقل والقرص وحركات الجمناستك يؤدي إلى نجاح التوافق الحركي .
2- قصر ذراع القوة لعضلات الجسم : إن قصر ذراع القوه يؤدي إلى خدمة سرعة الحركة ، وهذا يؤدي عند الأداء الحركي إلى تسرع الحركة بصورة كبيرة غير مرغوب فيها ، لذا يجب الأخذ بنظر الاعتبار هذه الظاهرة الميكانيكية عند الأداء للسيطرة على سرعة وقوة الحركة .
3- قاعدة الارتكاز : لها دور في نجاح التوافق الحركي عند الأداء ، فهناك أوضاع يمر بها الجسم إثناء الحركة تؤثر سلبياً على مركز ثقل الجسم مما يؤدي إلى فشل الحركة إذا لم نستطيع تصليح الوضع .
4- العوامل الخارجية : مثل الجاذبية الأرضية والتصور الذاتي وقوى الاحتكاك ومقاومة الهواء والماء ، وجميعها تؤثر في الأداء الحركي ، لذا على الرياضي التغلب على هذه القوى عند الأداء من خلال التوافق الحركي كما في رفع الإثقال والسباحة .
5- السيطرة على عمل الأربطة والعضلات : إن مطاطية الأربطة والعضلات تزيد تعقيد التوافق في الأداء الحركي بعض الأحيان لأنها تسمح للإطراف بأن تتحرك إلى حدود ابعد من تلك المسموح بها ضمن نطاق مجال الحركة . وهذا يتطلب زيادة التوافق العضلي من خلال تكرار المهارة والتدريب عليها .
نماذج لنظريات التوافق الحركي
لكي نستطيع تصميم الاستنتاجات التي نحصل عليها من البحوث والدراسات خلال التمرين أو التدريب الرياضي لابد إن نبدأ من الجسم البشري الذي هو عبارة عن نظام يعمل بأسلوب التنظيم الذاتي فهو يحافظ على بقاءه ويستعيد شفاءه وتحسن ذاته .
ولما كان الجسم الإنساني عبارة عن جهاز يعمل بأسلوب التنظيم الذاتي فأن معنى ذلك إن للجسم أجهزة تكون وظيفتها التوجيه والتنظيم وأخرى بحاجه إلى التوجيه فقط . والجهاز العصبي المركزي هو المسؤول عن توجيه الحركات الإنسانية إما الجهاز العصبي فهو الجزء الذي يحتاج إلى توجيه .
ويوجد نوعين من الاتصال بين هذين الجهازين مباشرة يتم عن طريق الإشارات الحركية وتغذية مرتدة ( اتصال غير مباشر ) يتم عن طريق الإشارات الحسية ويوجه الجهاز العصبي المركزي الأداء الحركي من خلال إشارات ترد إليه مستقبلات الإحساس العضلي والأعضاء الحسية الأخرى البصرية والسمعية واللمسية ومستقبلات الأعضاء الداخلية . والجهاز العصبي يتكون من أجزاء عديدة لكل منها وظيفة خاصة ويوجد ارتباط بين كل من المراكز الحسية الموجودة في أماكن مختلفة وبين بقية هذه المراكز في القشرة المخية وخلايا النخاع ألشوكي وبقية أعضاء الجسم . ولقد جرى في الاونه الاخيره محاولات لشرح وتوضيح تنظيم الحركة أو الأداء الحركي ، وهذه المحاولات تركزت على الأسس اعلاه وسنحاول هنا تحديد بعض هذه المحاولات والتي هي على شكل تصورات والتي من أبرزها ما يلي :-
حيث يقف الوعي على قمة الجهاز الوظيفي لتنظيم حركة الإنسان ويلعب دوراً في أداء الحركات الإرادية .
والوعي هو انعكاس للحقيقية الموضوعية في داخل الإنسان ويتمثل في القناعات والاتجاهات والأحاسيس ، ومن خلال الوعي يتمكن الإنسان من إن يتعرف على علاقته بالبيئة وان يقومها وينظمها بفاعلية ، إن الأسهم المتبادلة في شكل (2) ، تدل على التأثير المتبادل بين الوعي والجهاز الحركي . كما يدل الشكل على قدرة الإنسان على توجيه عضلاته بوعي ، حيث يرتبط الوعي بالأجهزة الحسية عن طريق الإشارات الحسيه ، ومن خلال ذلك تنم الحركة والوعي . ويمكن إن نلاحظ انبثاق أجهزة فرعية مبنية بترتيب وتدرج وظيفي معين عن الجهاز العصبي المركزي . هذه الاجهزه الفرعية ، عبارة عن تنظيمات عصبيه تعمل بطريقة إليه وتوجه الحركات الإرادية التي لا تتم بصفه مستمرة تحت مراقبة الوعي .
واحد هذه الاجهزه هو الجهاز الخاص بحركات الإنسان الموروثة أي الخاص بردود الأفعال غير الشرطية ، إما الجهاز الأخر فهو يختص بالمهارات الحركية الإلية التي تنتج عن تدريب الفرد على مهارة من المهارات ولكلا هذين الجهازين اتصال بالجهاز الحركي والوعي يقوم بتوجيهها بين وقت وأخر .
1- تصور هاريت ويليامز عن السلوك الإدراكي الحركي Harriet Williams
تتحدد بداية ونهاية الإدراك الحركي بأربعة خطوات متداخلة مع بعضها وهي :-
1- التجميع الحسي ( البصري ) : يحدد الفرد الموقف الحركي بشكل عام مع مكوناته وأدواته بصرياً .
من المعلومات ترسل عبر الشبكية عن طريق التنبيه الحسي إلى المراكز العليا في القشرة المخية لتحديد المواصفات للواجب الحركي كحجم وشكل ولون الأدوات والأجهزة المستعملة والوضع المكاني … الخ .
تفاعل الحواس : في هذه الخطوة تتم عملية التفاعل والمقارنة بين المعلومات المخزنة والمعلومات الحالية وتحدث هذه الخطوة في نفس الخطوة التي تتم فيها الخطوة الأولى تقريباً والقشرة المخية إضافة إلى المخيخ ، ومراكز تحت القشرة المخية تلعب دوراً هاماً في ذلك . فعندما يريد الفرد مسك كرة مثلاً فأنه يقوم بمقارنة لهذه الكرة مع كرات سبق وان تعامل معها من حيث شكلها وحجمها ولونها .. الخ .
2- النشاط الحركي : في هذه المرحلة يصدر الأمر الحركي من القشرة المخية للإيعاز بحركة جزء من الجهاز الحركي ، حيث تتحرك اليدين الالتقاط ورفع الكرة على سبيل المثال ويشترك في هذه الخطوة النخاع ألشوكي .
3- معلومات حسية ومقارنات : وخلال عملية الأداء في هذه الخطوة تشترك معلومات حسية مع عضلات الإطراف ومن مراكز حركية أخرى ، وترسل هذه المعلومات إلى الجهاز العصبي المركزي في نفس الوقت الذي يتم فيه الأداء الحركي بحيث يتمكن الفرد من تصحيح وتعديل اداءة الحركي أو مواصلة التنفيذ وخلاصة لذلك فأن أي أداء حركي يتكون من :-
(أ) استقبال وتصنيع المعلومات .
(ب) مقارنة المعلومات الحالية بالمعلومات المخزونة في الذاكرة .
(ت) الأداء الحركي .
(ث) التعديل في الأداء الذي يتم بناء على معلومات التغذية المرتدة
ومن هذا نستنتج بأن نجاح التعامل الحركي لا يتوقف على تكامل عمل التكوينات الحسية المركزية والإطراف التي تؤدي الحركة فقط ، وإنما يتوقف كذلك على الأجهزة الحسية التي تستقبل المعلومات وتنقلها وكذلك على التكامل الذي يحدث بين معلومات الإشارات الحسية والتغذية المرتدة .
2- تصور هوا ينتج Whiting ” تحليل الأداء الحركي الإدراكي ” .
في هذا التحليل نأخذ إحدى المهارات الحركية التي يؤديها الرياضي وتقسم هذه التصرفات إلى عناصر ثم نقوم بتحليل كل عنصر من العناصر حتى نتفهم وظيفته وواجبه .
ومن خلال هذا الأسلوب سنتعرف على كل جهاز من أجهزة الجسم المختلفة وعلاقته ببقية أجهزة الجسم في نطاق التعامل العام .
وقدم هوا ينتج نموذجاً عن التعامل الحركي يرتكز على ثلاثة عناصر رئيسية :-
أ – أعضاء حسية : تستقبل المعلومات الضرورية للأداء سواء اكانت نابعة من البيئة (خارج) أو من (الداخل) ثم تنقل هذه المعلومات إلى :-
ب – جهاز يتولى تنظيمها وتصنيعها والاستفادة بالصالح منها في أداء التعامل واتخاذ القرار ويسمى بالميكانيكية ثم يرسلها إلى:-
ج – جهاز تنفيذي يقوم بتنفيذ القرارات التي يتم اتخاذها ونظراً لتعقد ما يحدث في الميكانيكية المركزية نفضل تناولها بشكل أكثر تفصيلاً ، وتقسم الوظائف التي تؤديها الميكانيكية المركزية إلى ثلاثة وظائف رئيسية هي :-
* ميكانيكية الإدراك : يدرك الفرد الموقف بشكل عام على أساس استلام المعلومات وتحليلها ومقارنتها مع المعلومات المخزونة واختيار المناسب .
* ميكانيكية الترجمة : تترجم هذه المعلومات من خلال علاقة الارتباط بين الهدف والقرارات .
* ميكانيكية التنفيذ : يوضح برنامج التنفيذ .
4-نموذج التوافق الحركي لشنابل
وهو نموذج من نماذج الدائرة التنظيمية الذي كان الفضل الأول في اكتشافه للباحثين ( انوخن و فاجز ) كما يقول ( عبد المقصود – 1986 ), حيث يشير هذا النموذج إلى إن أداء للواجب الحركي المعقد أثناء النشاط الرياضي يتطلب القيام بالعديد من الوظائف والتي تحدث داخل الجهاز العصبي المركزي وهي ما يلي :-
أ – الأداء الحركي يتم عن طريق الأعضاء الحركية ( الجهاز العضلي ) .
ب – استقبال وتصنيع المعلومات للإشارات الحسيه وموجهاتها .
ج – برمجة المسار الحركي وتوقع نتائج أجزاء ومراحل الحركة والنتائج النهائية.
د – المقارنة بين المعلومات التي يتم استقبالها وبين الهدف المحدد وبرنامج التعامل ( ما يجب إن يكون ) .
هـ – التوجيه والتنظيم أي إرسال وتوزيع الإشارات الحركية الخاصة بالتصحيح للعضلات العاملة .