مقدمة
إن التطور الذي يحصل بصورة مستمرة في مجال التربية الرياضية يدفع البحوث العلمية إلى التوصل إلى انسب الحلول لحل المشكلات التي تواجه اللاعبين والمدربين وحتى الأكاديميين وذلك عن طريق التعرف على ما وهب الله الإنسان من قدرات وطاقات متعددة، في محاولة لتحقيق أكبر قدر من الاستفادة من النظريات العلمية الحديثة في المجال الرياضي. والتربية البدنية والرياضة أحد المجالات التي تؤثر في الإنسان باعتبارها عنصراً هاماً وأساسياً في بناء الفرد، وإعداده بصورة متكاملة على أسس علمية، فقدرة الفرد على بذل الجهد تتوقف على كثير من المتغيرات والتي يأتي في مقدمتها المتغيرات البصرية لذا وجب علينا الاهتمام بتلك الجوهرة الثمينة. ولم يكن هناك الكثير من الاهتمام بالرؤية البصرية بشكل مركز خلال التمرينات اليومية للرياضيين من جانب الكثير من المدربين واللاعبين أنفسهم ، إذ لم يدرك اللاعبين أهمية الرؤية بالنسبة لأدائهم الرياضي على الرغم من قيامهم بالتدريب بشكله العام متضمناً تدريب للرؤية لكن دون قصد . ويتضمن الأداء الرياضي جانب حركي وجانب بصري , وإذا لم يعمل الجانب البصري بكفاءة فإن ذلك بطبيعة الحال سيؤثر على أداء الجانب الحركي. ونرى أن التدريب البصري ذو أهمية لكافة الفئات والأفراد خاصة الرياضيين ، حيث يجب أن يمارسه الجميع بلا استثناء وخاصة تدريبات العين وذلك من اجل الوصول إلى حالة التكيف البصري مع مختلف المتغيرات سيما أثناء التدريب مما يؤدي للتغلب على الإجهاد البصري عند المنافسات وعدم التأثير سلباً على وظائف الإبصار بمرور الزمن. كما ويشير براين اريلBrian Ariel إلى أن التدريب البصري احد فروع (Optometry) أي (قياسات البصر) وهو فرع يهتم بالنظر والإدراك وتقييم وتحسين مستوى الأداء البصري بالإضافة إلى تحديد الأدوات البصرية الأكثر ملائمة لطبيعة النشاط الرياضي.Brian Ariel : 2004)) ولابد من الإشارة إلى ارتباط العديد من التدريبات البصرية بجوانب كرة القدم المختلفة ومنها الجانب المهاري الذي يجب أن يتميز به اللاعب المهاجم على وجه الخصوص ، لذا وجب على المختصين والمدربين الاهتمام بكافة الحواس ومنها حاسة البصر بالإضافة إلى الاهتمام بالعمليات العقلية التي تساعد على النهوض بالجانب البصري لارتباطهما ببعض ومن أمثلة العمليات العقلية الإدراك أو الانتباه أو التركيز وغيره من العمليات العقلية الأخرى ..، وكون تلك العمليات تساعد في تحقيق أفضل أداء مهاري للمهاجم كان لابد من العناية أولاً بالأجهزة الحسية المختلفة ، ومن هذه الأجهزة هو الجهاز البصري والمتمثل بداية بالعينين والعضلات المحيطة بهما والأعصاب الحسية حيث أن تدريب الرؤية البصرية له أهمية في تحسين أداء اللاعب، ومن هنا بدأ المدربون وعلماء الرياضة بالبحث عن الطرق التدريبية الحديثة بهدف تحسين الأداء الرياضي واكتساب ميزة تنافسية.(حسين كنبار: 2009) كما أن وجود رؤية بصرية عالية وسليمة يؤدي إلى النهوض بمظاهر الانتباه وبالتالي المقدرة على تحقيق الأداء المهاري المتميز من اجل الوصول إلى تحقيق الهدف المنشود.
تعريفات الرؤية البصرية :
هناك عدة تعريفات تطرق لها الباحثون للرؤية البصرية نستعرض منها ما يلي: عرفت إيزابيل واكر Isabel Walker التدريب البصري على انه عن سلسلة متكررة لتدريبات العين بهدف تحسين القدرات البصرية الأساسية ، وهي هامة للرياضيين في جميع الرياضات التنافسية.(Isabel walker:2001 ) فرانسيس آيزنر Francis Eisner يعرف (التدريب البصري): على انه برنامج تخصصي تقدمي يهدف إلى تحسين العلاقة بين العينين والمخ من خلال تنمية مهارات وقدرات الرؤية البصرية باستخدام تدريبات متدرجة في الصعوبة تعمل على تحسين توافق ومرونة عضلات العينين مع إمكانية التحكم في تلك العضلات.(محمود عبد المحسن ناجي: 2008) كما عرفها حسين كنبار على إنها : ذلك البرنامج الخاص لمجموعة من التمارين التي تعمل على تقوية القدرات البصرية المتنوعة من خلال تدريبات متنوعة ذات أداء بصري عقلي عالي تقود إلى زيادة التكيفات العقلية المختلفة لعملية الإبصار في شتى الظروف والأوضاع وبما يتناسب مع أشكال وأحجام وألوان المثيرات التي تتعرض لها العين.(حسين كنبار : 2011)
علاقة الرؤية البصرية بالفعاليات الرياضية:
في مركز هومر رايس The Homer Rice Center ومعهد اللياقة البصرية The Institute Visual Fitness أثبتا أن القدرات البصرية تشبه المهارات البدنية يمكن تعلمها وتدريبها وممارستها وتنميتها ، ولا يتعلق الأمر بقوة الإبصار فقط 6/6 والتي هي أساسية ولكن مدى إمكانية الرياضي لاستخدام المعلومات المنتقلة إليهم من أعينهم لكي يقوم بالأداء داخل الملعب .( جيهان محمد فؤاد ، إيمان عبد الله زيد: 2005) لقد ظهر في العقد الأخير عدة دراسات تشير إلى أن الأداء العالي يرتبط بالقدرات البصرية المثالية وأن ضعف القدرات البصرية يتسبب في إعاقة الأداء ، فإذا كانت المعلومات البصرية غير دقيقة فإن الجسم يفتقد للتوقيت المناسب ويتسبب ذلك في انخفاض مستوى الأداء ، وكنتيجة لتلك الدراسات قام الباحثين بتطوير بطاريات للاختبار وكذلك إجراءات للتدريب والتي تستخدم لتقييم وتحسين مستوى القدرات البصرية للرياضي ونظراً لاختلاف المتطلبات البصرية الخاصة بكل رياضة فإن إجراءات التدريب تتم بشكل يتلاءم مع الاحتياجات الخاصة للاعبين . (يشير جيم براون) Jim Brown في كتابه الموهبة الرياضية Sport Talent أن الرؤية البصرية optical vision علم نشأ كنتيجة طبيعية ومنطقية لطبيعة الأداء في المنافسات الرياضية وتشتمل الرؤية على عدة عناصر مثل الحدة acuity والتعقب أو المتابعة tracking ودقة التميز contrast sensitivity والرؤية الإحاطية أو الطرفيةperipheral vision والقدرة على تحديد الأبعاد depth perception والرؤية الملونةcolor vision وفي مختلف الرياضات تظهر مساهمات الرؤية البصرية في تحسين الأداء فاللاعب الظهير في كرة القدم يحتاج لرؤية جيدة لمشاهدة الملعب بالكامل ومدافعي كرة السلة يستخدمون الرؤية الإحاطية لمشاهدة الملعب كله والضاربون الجيدون في البيسبول عادة لديهم مستوى أفضل من الرؤية يمكنهم من تعقب والتقاط الرميات المتحركة بسرعة عالية. ( Jim Brown :2001) ويشير دونالد وكارولين Donald and Caroline إلى أن بعض مهارات الأداء في كثير من الأنشطة الرياضية يصعب متابعتها من خلال العين وقد اظهر التحليل السينمائي ذلك، ومن هنا ظهر مصطلح التوقع البصري فعل سبيل المثال يصعب متابعة كرة البيسبول في نهاية 8-10قدم من طيرانها بعد قذفها وقبل ضربها بالمضرب. Donald, I.J. & Caroline, H. : 1995)) كما ذكر براين آريل أن عبارة احتفظ بعينيك على الكرة “Keep your eye on the ball” نسمعها باستمرار من العديد من المدربين ، فلا شيء يحدث حتى تقوم العينين بإرشاد اليدين لما يجب عمله ، كما أن حوالي 80% تقريباً من إشارات البدء في معظم الألعاب تتم من خلال حاسة البصر حيث تمثل دقة الرؤية وجودة القدرات البصرية أهميه كبرى ، علماً أن حدة الإبصار 6/6 تعنى فقط أن الرياضي يمكنه أن يرى الشيء بوضوح ولا تبين مكانه في الفراغ أو مدى سرعة تحركه أو إذا ما كان هذا الشيء سيغير اتجاهه ؛ والذي يقوم بكل ذلك هو المعالجة البصرية Visual Processing. ويضيف براين اريل أن 80% من المساهمة الإدراكية تعتبر بصرية وان الدراسات الحالية تشير إلى أن 30% من الرياضيين لديهم قصور في الدقة البصرية أو الرؤية الصحيحة. ومن خلال ما تم ذكره بخصوص أهمية الرؤية البصرية نرى أن إدخال تدريبات الرؤية البصرية في الوحدة التدريبية وبصورة مستقلة أو ضمنية من أهم العوامل الحيوية التي تساعد على تطوير القدرات البصرية الحركية ، على أن تلك القدرات البصرية المتنوعة يختلف أهميتها تبعا للنوع الرياضة أو النشاط الممارس ولهذا فعند وضع برنامج تدريبي بصري يتطلب من المدرب أن يميز تلك القدرات في ضوء اللعبة الرياضية وفي ضوء قدرات اللاعب البصرية والتي يجب عليه سلفا أن يقوم بتقويمها واختبارها لمعرفة درجة أداء هذه القدرات خاصة عند الأداء الرياضي العالي تحت الشدد التدريبية والشدد النفسية العالية. لذا يتوجب على كل مدرب الاهتمام بتلك القدرات كونها تعد أولى القدرات وأولى المحطات التي ينطلق منها الرياضي نحو عملية بناء بقية القدرات الرياضية أثناء عملية التدريب الرياضي.
المصادر والمراجع
Brian Ariel (2004): Sports Vision Training: An expert guide to improving performance by training the eyes, Human Perception and Human Performance, P127. حسين علي كنبار : تأثير تدريب الرؤية البصرية في تطوير مظاهر الانتباه وبعض المهارات الهجومية بكرة القدم ،، رسالة ماجستير غير منشورة , الجامعة المستنصرية ، كلية التربية الأساسية ، بغداد ، 2009 ص25 . Isabel walker(2001): Why visual training programmers for sport don’t work, Sports Sci, Mar p22. محمود عبد المحسن ناجي : تأثير تدرب الرؤية البصرية على اللاعب المدافع الحر في الكرة الطائرة ، أطروحة دكتوراه غير منشورة ، كلية التربية الرياضية ، جامعة المنيا ، 2008، ص23. حسين علي كنبار ، الأكاديمية الرياضية العراقية ، 2011. جيهان محمد فؤاد ، إيمان عبد الله زيد: فاعلية التدريب البصري على بعض المتغيرات المهارية والقدرات البصرية في الكرة الطائرة، أطروحة ماجستير منشورة ، جامعة الزقازيق ، مصر 2005.ص25. Jim Brown (2001) : sport Talent : How to identify and develop outstanding athletes, April, p21. Donald, I.J. & Caroline, H. (1995): Inspection of time and high speed ball games. Perception,p789