يعتمد البحث في البيوميكانيك على مجموعة من نظريات وقوانين العلوم المرتبطة بنشاط الجسم البشري والتي من الممكن تطبيقها بعد توفير البيانات المطلوبة من التحليل الحركي، ويتطلب ذلك الإلمام بالمعلومات الفنية عن أي مهارة في ضؤ مجموعة من المعلومات التي تساعد على تحديد الإجراءات الحركية المطلوبة لإنجاز هذا الأداء، وكذلك المعلومات العلمية والتي تعني بالأسس المرتبطة بنشاط الجسم سواء كانت تشريحية او فسيولوجية او نفسية.
ويسعى البحث العلمي الى إيجاد حلول محددة لمشكلات او الاجابة على تساؤلات محددة. وحتى بالنسبة لغير الباحثين فإن الإجابة على التساؤلات المرتبطة بمجال عملهم تمثل أهمية بالغة في نجاح هذه الأعمال، ويعتبر تحديد مشكلة البحث من العوامل الرئيسية في اختيار المفاهيم البيوميكانيكية المفترض انها سوف تعين الباحث في حل المشكلة.
هذا بالاضافة الى ان تحديد مشكلة البحث سوف يؤدي في النهاية إذا استخدمت الطريقة العلمية الصحيحة الى ترسيخ المبادئ البيوميكايكية المرتبطة بموضوع البحث والناتجة عنه.
ولعل أصبح واضحا الآن أن هناك مستويات للتفكير في مشكلات البحث في مجال الميكانيكيا الحيوية حتى أصبحت التقليدية في المعالجة هي النمط السائد في معظم هذه البحوث.
ولذلك فإننا نورد هنا الفرق بين مشكلات تقليدية تتميز بان لها أهداف واضحة وتستخدم أساليب محددة للحصول على معلومات محددة ايضا، الا ان ناتج هذا النوع من البحوث غالبا ما يقف عند حدود البحث نفسه ولا يعتمد الى امكان التعميم على الظواهر المشابهة أو على الاقل الاخذ في الاعتبار تعميمها عند العمل في بحوث مشابهة.
وبين النوع الآخر من البحوث انه هو الذي يحتاج الى مستوى عالٍ من الخبرة البحثية والميدانية، حيث إن الهدف في هذه البحوث يكون غير محدد المعالم الى حد كبير، ويحتاج إلى إجراءات قد تتطلب ابتكار او استحداث اجهزة قياس دقيقة لما يراد قياسه من ظواهر، لذا فإن هذا النوع من البحوث ما زال في اطواره الاولى على المستوى العالم كله، وماظهر منه الآن ما هو الاجتهادات فردية.
وفي معظم البحوث العلمية في البيوميكانيك يمكن ان نتناول تحليل حركات الجسم البشري من جانبي (التحليل الكمي والتحليل النوع) يمعانيها العامة التي لا تخرج من كونها تحويل الظواهر المدروسة الى ارقام ودرجات او قياس الظواهر على ما هي عليه بما تقاس به رقميا وهو ما يقصد به الكم، او وصف هذه الظواهر وصفا دقيقا دون التعرض للكم، الا ان نعلم جيدا ان التوصيف هو اولى خطوات القياس الكمي، فكثير من البحوث التي تناولت الوصف فتحت الطريق أمام بحوث دراسة الكم بعد ان حددت لها بوضوح الشيء المراد قياسه.
ويمكن تعريف القياس الكمي للظواهر على انه تحويل المفاهيم الخاصة بالموضوع الى تعريفات محددة يمكن استخدامها في دراسة حركة الجسم البشري كظاهرة.
فالانسان الذي يعتقد انه غير قادر على حل مشكلة من المشكلات، اعتقاده هذا يأتي بالدرجة الاولى من عدم قدرته على تحديد المشكلة تحديدا واضحا، فالبحث في المشكلات الحركية من الأمور التي يمكن تعلمها والتدريب عليها، فهناك العديد من الكتب التي تناولت كيفية معالجة المشكلات الحركية وأفضل المداخل التي يمكن أن تستخدم في هذه المعالجات، الا ان الباحثين لا يهتمون في معظم الأحيان باستراتيجية البحث في المشكلات الحركية وتحديد اولويات حلها كأساس في فهم التكنيك.
وسوف نحدد هنا مجموعة من الإجراءات المختصرة كخطوات تساعد الباحث في حل مشكلته العلمية:
- على الباحث قراءة مشكلة البحث قبل الشروع في الدخول في الخطوات التالية حتى يتمكن من الوصول الى اجابات مبدئية لكافة المشكلات الفرعية التي تتكون منها المشكلة.
- على الباحث ان يسجل المعلومات المتوفرة لديه باسلوب التسجيل والذي يساعده على سهولة استدعاء هذه المعلومات عند الحاجة إليها.
- على الباحث ان يحدد المطلوب او ما يجب البحث فيه ويفضل استخدام قائمة بالمطلوب.
- يمكن عمل رسم تخطيطي للمشكلة على أن تحدد عليه التساؤلات المطلوب الاجابة عنها على الرغم من أن هناك العديد من المشكلات التي لايمكن ترجمتها الى أشكال تخطيطية الا انه يفضل محاولة عمل ذلك لما له من أهمية كبيرة في وضوح الرؤية أمام الباحث.
- على الباحث بعد ذلك تحديد المعادلات والمداخل الميكانيكية المناسبة للتعامل مع مشكلته الحركية، فغالبا ما يكون هناك اكثر من مدخل وبالتالي اكثر من معادلة تفيد حل مشكلة البحث.
- يتم اختيار المعادلة المناسبة بعد مراجعة المعادلات والمداخل السابق الاشارة اليها في الخطوة السابقة على ان تحتوي هذه المعادلة المتغيرات المتوفرة فعلا لدى الباحث والمتغير او المتغيرات المراد الكشف عنها او التعرف عليها، فعلى سبيل المثال يمكن استنتاج القوة بمعلومية التعجيل وكتلة الجسم، كما يمكن استنتاج مركبات هذه القوة واتجاه خط التأثير (ميل متجه القوة).
- قد يتطلب الأمر تحليل المتغيرات التي تم الحصول عليها الى صورها الابسط حتى تعطي المعادلات المستخدمة النتائج المرجوه منها، فقد لا تؤدي المعادلة بصورتها الاولية الى نتيجة يسهل ملاحظتها في حين أنه عندما تستخدم صور اخرى ابسط للمعادلة قد تظهر النتائج بشكل أفضل.
- بمجرد أن يضع الباحث يده على المعادلة المناسبة عليه كتابتها ليبدأ في التعويض بالقيم المعروفة لاستنتاج القيم المجهولة.
- باستخدام الأساليب الجبرية البسيطة يمكن ا توضع المتغيرات غير المعلومة في أحد طرفي المعادلة لتقابلها المتغيرات المعلومة.
- يتطلب الامر في معظم الأحيان مراجعة النواتج ومقارنتها بمثيلاتها في دراسات أخرى للتأكد من صحة النواتج المتبعة وكذلك الحسابات الرياضية.
- على الباحث ان يراعي بدقة شديدة وحدات القياس المستخدمة والاشارات الدالة على القيم سواء موجبة او سالبة او لها علاقة باتجاهات الدوران.
طرق البحث العلمي في البيوميكانيك
نستخدم مناهج البحث العلمي التالية لتنفيذ البحوث التطبيقية في مجال البيوميكانيك وهي:
- منهج البحث الوصفي (الدراسة المسحية – الدراسة المقارنة للأسباب – دراسة الحالة – دراسة علاقات الارتباط)
- منهج البحث التجريبي: تصميم المجموعة التجريبية الواحدة.
• تصميم المجموعتين التجريبيتين.
• تصميم المجاميع التجريبية المتكافئة.
- منهج البحث التجريبي التتبعي: نفس تصاميم البحث التجريبي.
من أهم ميزات الباحث عند إجراء البحوث في مجال البيوميكانيك هو اتباع الأسلوب الصحيح في معالجة مشكلة بحثه من خلال:
- صياغة المشكلة
- المتطلبات الخاصة لإجراءات البحث
- المنهج العلمي المتبع في حل المشكلة
- المعلومات الواجب توفرها
- الاستنتاجات الخاصة بمتطلبات البحث
على سبيل المثال:
دراسة العلاقة بين السرعة الخطية والسرعة الزاوية ونصف قطر الدوران.
المصدر: تطبيقات البيوميكانيك في التدريب الرياضي والأداء الحركي، ط2، 2009. تأليف: أ.د صريح الفضلي.