أسباب تكيف العضلة وزيادة المقطع الفسيولوجي لها؟

الدكتور أثير محمد صبري الجميلي

عضو الاكاديمية الرياضية العراقية

1) مقدمة تأريخية :

لابد لنا أن نتطرق أولاً إلى بداية عهد التضخم العضلي (Muscle Hypertrophy) في التأريخ , إذ كان الإنسان قبل عصر النهضة غالباً ما يستخدم عضلات جسمه لإنجاز مختلف الأعمال الحياتية اليومية من حدادة ونجارة وبناء وزراعة وفلاحة … الخ , وبناء على هذه الأعمال اليومية التي كانت بمثابة التدريب العضلي ضد مختلف أشكال المقاومات , بدأ التكيف يظهر على الجسم من خلال الزيادة التي تطرأ على حجم عضلات جسم الإنسان الهيكلية ( Skeletal Muscles ) , وأصبحت هذه الحرف تميز ذلك الفرد عن بقية الأفراد بكبر حجم عضلات جسمه التي يستخدمها يومياً . أما الألعاب الأولمبية الإغريقية القديمة التي وجدت بأولمبيا باليونان , حيث كانت بعض المسابقات تتطلب قدر كبير من القوة العضلية كدفع الحجارة ورمي القرص والرمح والمصارعة والبنكراتسيوم وهي رياضة تجمع بين ( المصارعة والملاكمة ) , حيث أن زيادة القوة فيها عرفها الإغريقيين من خلال زيادة حجم العضلات أي زيادة المقطع الفسيولوجي للعضلة .

لقد ذكرت المصادر التأريخية قصة إغريقية قديمة أصبح صاحبها بطلاً أولمبياً آنذاك , وكانت تضرب مثلاً لظاهرة تدريبات القوة العضلية والتكيفات الحاصلة لها جراء التدريب وهي أن شاباً إغريقياً تعلق بثور حديث الولادة لبقرة عندهم , وكان يقضي معظم وقته لعباً مع الثور الصغير , وكان عليه أن يحمل الثور يومياً إلى مرعى يبعد مسافة عن البيت ويقع وفوق منطقة مرتفعة مما يتوجب عليه حمل ثوره على ظهره صعوداً إلى هناك , وهكذا إستمر الشاب بحمل ثوره الذي شكل حملاً على ظهره صعوداً ونزولاً , ثم بدأ وزن الثور يزداد مع مرور الأيام , إلا أن الشاب إستمر بعمله اليومي في حمله لأن قوة الشاب تزداد بإستمرار أيضاً وهكذا دام الأمر , وبذلك أستطاع ذلك الشاب أن يحصل على قوة عضلية كبيرة مع تحسن وتطور واضح في عضلات جسمه مما كان سبباً في إكتشافه من قبل المدربين ثم تدريبه ليصبح بطلاً أولمبياً لاحقاً . ومن هذه القصة نفهم بأن زيادة قوة عضلات جسم ذلك الشاب مع تضخمها إرتبط بزيادة حمل التدريب وهو وزن الثور كمقاومة خارجية مثلت مبدأ ( الزيادة بالحمل ) , أي زيادة شدة الحمل التدريبي .

2) علاقة قوة العضلة بمتغيراتها الأنثروبومترية والفسيولوجية :

أثبت ويبر منذ عام 1846م بأن القوة العضلية تتعلق بالمقطع العرضي الفسيولوجي للعضلة وهي تشمل عضلات الإنسان أيضاً , وقد تأكد ذلك من قبل علماء التشريح والفسلجة أيضاً , كما تأكد لهم أيضاً تحسين التوجيه العصبي لتطوير القوة … ( أثير : 1991 ) , إقتباس من ( عبد علي , قاسم حسن :1978 ) , إقتباس من ( Knipst 1952 / Korobkow 1954 / Simkin 1956 / Krestinkov ) .كما ذكر كل من بيرن وليفي ( Berne & Levy : 1988 ) بأن إنجاز العضلة يعتمد على حجم الخلايا العضلية المنفردة وتنظيمها التشريحي . وأن الزيادة في المقطع العرضي لليف العضلي جراء إبتناء (Building) خيوط عضلية بروتينية جديدة يطلق عليه بالتضخم العضلي ( Hypertrophy ) , سوف يزيد من قوة العضلة على توليد قوة أكبر .كذلك فأن تكوين خلايا أي ألياف عضلية أكثر , أي زيادة بالعدد ( Hyperplasia ) سوف تزيد من إنتاج قوة النسيج العضلي , علماً بأن إختلاف العضلة الهيكلية تركيبياً له قابلية محدودة لتكوين خلايا جديدة … (أثير:1991) . كذلك أثبت موربورجو ( Morpurgo : 1897 ) بأن نسبة أعداد الألياف العضلية السميكة في العضلة المدربة أكبر من العضلة غير المدربة , لذا فأن التدريب العضلي سوف يعمل على زيادة قطر الليف العضلي ويعمل على زيادة المقطع العرضي أيضاً .كما ذكر موربورجو وآخرون بأن هناك إحتمالات قد تحدث للعضلة منها : 1- زيادة في فرط التنسيج العضلي وأطلق عليه مصطلح Hyperplasia . 2- زيادة في عدد الألياف العضلية نفسها وأطلق عليها مصطلح Number of Fibers . ولم يستطع تحقيق إحتمالاته هذه آنذاك . ولكن أبحاث ريتسما الحديثة نسبياً والتي أجريت على الحيوانات أكدت هذين الإحتمالين أي الزيادة في فرط التنسيج والزيادة في عدد الألياف … (Reitsma : 1976).

أما تأثير تدريب القوة على التركيب السابق لليف العضلي بدون حصول ضخامة ملحوظة فيه , أكدها كل من كروسر ومساعدوه … ( Grosser et.al. : 1989 ) , وذكر النص التالي : (( قبل حصول زيادة في سمك الألياف العضلية المنفردة بشكل ملحوظ جراء تدريب القوة تحدث تغيرات خاصة في بناء التركيب السابق للألياف , أي تحصل زيادة في خيوط الأكتين والمايوسين مع إنخفاض مصاحب للساركوبلازم وذلك طبقاً لبحوث هولمان وهيتنكر : Hollmann & Hettinger : 1980 , وهذا يعني حصول زيادة في الأقسام الإنقباضية تؤدي إلى زيادة وتحسين في القوة أكثر وبدون تغير في مساحة المقطع العرضي لها , وهذا يحدث فعلاً قبل التضخم العضلي الملحوظ .)) .

كذلك أشار كل من فوكس وباورز وفوس … ( Fox , Bowers , Foss : 1988 ) بأن عملية التضخم أو الزيادة في سمك الليفة العضلية يتبع التغيير الحاصل في واحدة أو اكثر من التكيفات الفسيولوجية التالية للعضلة الهيكلية للإنسان :

1- زيادة في حجم وعدد اللييفات العضلية Myofibrils .

2- زيادة بكمية المايوسين الكلية أي الخيوط أو الفتائل البروتينية الإنقباضية السميكة Myosin contractile Filaments .

3- زيادة في كثافة الأوعية الدموية الشعيرية لليفة الواحدة blood Capillary density .

4- زيادة في كمية وقوة الأنسجة والأغشية الرابطة والأوتار .tendinous Connective

and Ligamentous tissues

أن التغيرات المتعلقة أكثر بالتضخم العضلي الناتج عن تدريب الثقال هي الأكثر إحتمالاً في النقاط الثلاثة الأولى السابق ذكرها , أما زيادة الأوعية الدموية الشعرية في النقطة الثالثة قد تكون مرتبطة اكثر مع زيادة تحمل قوة العضلة .

مماتقدم وجدنا بأن تأثيرات تدريبات القوة العضلية كانت لزيادة المقطع العرضي أو التضخم العضلي , حيث ذكرنا آراء علماء متعددين لأسباب هذا التضخم , حيث ذكر البعض بأن التضخم العضلي يحصل نتيجة زيادة سمك الألياف وليس زيادة عددها , ولكن الزيادة بالعدد هذه إذا ماحصلت فهي نتيجة الإنقسام الطولي لليف العضلي وقد أكدها موربورجو منذ القدم ( Morpurgo : 1897 ) جراء تجاربه على الحيوانات , حيث ينقسم الليف العضلي طولياً إذا ما وصل سمكه جراء التدريب الشديد إلى حوالي 50 مايكرون … (Hettinger : 1972) .

كذلك قسم العلماء التضخم العضلي الحاصل جراء تدريبات القوة المختلفة إلى نوعين هما : ( التضخم الساكوبلازمي , التضخم المايوفيبريلي ) … (Wikipedia , English ; 2010) حيث أشاروا بأن اللياف العضلية يزداد حجمها نتيجة للإنقسام الطولي ولكن بشكل محدود جداً . أما أثناء التضخم الحاصل من زيادة الخيوط الإنقباضية البروتينية الأكتين والمايوسين ( Myofibrils ) يزداد عددها أي يتم إبتناء خيوط إنقباضية بروتينية جديدة داخل الخلايا أي الألياف مما يساعد على زيادة قوتها , وبذلك يزداد سمكها أيضاً ولكن بشكل أقل من التضخم الساركوبلازمي . لذلك يصبح التضخم الساركوبلازمي الأول هو من خصائص تدريبات التضخم الكبير كما في رياضة بناء الأجسام , بينما التضخم العضلي المايوفيبريلي الثاني للخيوط أو الفتائل الإنقباضية البروتينية , هو من خصائص تدريبات الرباعين في رفع الأثقال .

3) ظاهرة التعويض المثالي Super- compensation phenomenon:

تعد ظاهرة التعويض المثالي والتي يطلق عليها بالمصادر أيضاً بالتعويض الزائد , من أهم مباديء حمل التدريب الرياضي وبجميع أنواعه وأشكاله , حيث يعد التعويض المثالي مرحلة التكيف الحاصل للأعضاء بعد مرحلتي الحمل والراحة طبقاً للنموذج المقترح من قبل العالم ياكوفليف … (Jakowlew :1977) , ويراعى به ذلك التكيف الحاصل بالجسم نتيجة تأثيرات حمل التدريب اللاحقة عليه . كما أكد على ضرورة تكرار هذه المرحلة من مراحل التكيف الحاصل بشكل منتظم ( أي تكرار وحدات التدريب ) , وأن تكرار هذه الوحدات لابد أن يتم بتوقيت زمني معين للحصول على تكيف مستمر . لذلك يصبح نموذج الحمل والراحة والتعويض المثالي ضرورياً جداً للرياضي , وعلى المدربين التعامل معها بإتقان ودقة لضمان تكيف وتأقلم فسيولوجي سليم .كما يجب علينا أن نعلم بأن درجات ومستويات حمل التدريب أثناء الوحدات التدريبية يجب أن يقنن جيدا لضمان مستوى تكيفات الوظائف الفسيولوجية بمستوى أعلى أي تحقيق أعلى مستوى من التعويض المثالي أو الزائد . أما الأسباب الرئيسية لحدوث وحصول هذه الظاهرة يتعلق وبشكل كبير بالعلاقة بين مرحلتي التحميل ثم الراحة للإستشفاء التي تتبعها , ففي مرحلة التحميل يتم إستهلاك مخزون مركبات الطاقة الرئيسية الكرياتين فوسفات والكلايكوجين ( CP + Glycogen ) , ثم أثناء مرحلة الراحة والإستشفاء يتم إسترجاع ذلك المخزون , ويعتمد على طول هذه الفترة أيضاً . لذا فأن الزيادة في هذا المخزون من مركبات الطاقة توقعاً لوقوع حمل بدني جديد يرفع من مستوى القابلية والإستعداد البدني لمجابه حمل جديد , ويطلق عليه بالتعويض المثالي , أي إرتفاع مستوى القابلية والطاقة البدنية أكثر من السابق . أن المستوى الجديد للقابلية أو الظاهرة لا يمكن أن يبقى نفسه أي لا يمكن المحافظة عليه أو حتى البناء عليها إذا ما توقف الحمل عن موعده من 1 – 3 أيام تقريباً لدى المبتدئين ثم يبدأ بالتراجع إلى نفس المستوى الأول لتختفي هذه الظاهرة الفسيولوجية التكيفية . لذا من الضروري توقيت إعادة حمل التدريب التالي في قمة إرتفاع ظاهرة التعويض المثالي السابقة , وهكذا نضمن إضطراد إرتفاع مستوى التعويض المثالي أي تطور جميع الوظائف لأجهزة الجسم وقابلياته البدنية والحركية التوافقية .

وبما أن التضخم العضلي الحاصل جراء تدريبات القوة العضلية على الألياف العضلية فهو عبارة عن تكيف النسيج العضلي أي حصوله على تأثيرات وتغيرات فسيولوجية جديدة, ويطرأ نتيجة ظاهرة التعويض المثالي لحمل تدريبات القوة العضلية . وأن هذا التضخم العضلي هو زيادة المقطع العرضي جراء زيادة سمك الألياف العضلية المستهدفة بالتدريب أو التحميل , ونتيجة لإرتفاع شدة وقوة التوتر الحاصل للألياف العضلية جراء إنقباضاتها وإرتخائاتها لمجابهة المقاومات المرتفعة الشدة بالتدريب , يحدث ما يطلق عليه بمثير فرط التورم العضلي (Uberschwelligen Reiz) باللغة الألمانية , الذي يحفز الألياف العضلية على النمو أو الإتساع بالسمك . أن كل تاثير من تأثيرات مثير فرط التورم العضلي الشديد والواقع على عضو من أعضاء الجسم يقود إلى إستجابة فسيولوجية متوقعة, حيث نفهم بأن المنطقة المستهدفة جراء مثيرات التحميل القوية سوف تخضع لمبدأ التكيف بالتعويض المثالي (Super-compensation) التي سوف تكون مؤهلة مستقبلاً لتقبل الحمل الجديد ومستعدة جداً للتكيف مع ذلك الحمل الجديد .

4) بعض البحوث التي أكدت حصول التضخم والزيادة العددية للألياف:

لقد إستطاع أبيل ومساعدوه … ( Appel, et.al. : 1988 ) التوصل إلى نتائج لايمكن إخفائها بعد وهي حقيقة حصوله على الزيادة العددية ( Hyperplasia ) وليس فقط التضخم العضلي (Hypertrophy) في بحثه الذي خضع فيه عدد من المتطوعين لبرنامج تدريبي إستمر 6 أسابيع وهو التبديل على الدراجة الثابته ( Bicycle Ergometer ) برجل واحدة فقط حيث أثبت حصول إنشطار ليفي وزيادة عددية للألياف مع التضخم العضلي . لقد طرأت هذه الزيادة أي هذه الظاهرة الفسيولوجية في عضلات نصف المتطوعين من عينة البحث بالتجربة , وهي زيادة عدد الألياف العضلية القصيرة والدقيقة ذات نواة أو عدة نويات متجمعة مركزياً بجانب الخلايا الجديدة المتولدة , حيث كانت الزيادة العددية للألياف هي الدليل على التضخم الحاصل للعضلة … ( Holtke : 2003 )

أما شميدت بلايشر … ( Schmidtbleicher : 1989 ) , فقد أثبت هو الآخر الزيادة العددية للألياف العضلية , ذلك عندما يطرأ التضخم العضلي ويزداد سمك الليف كثيراً وتصبح عملية تزويده بالدم والمواد مشكلة تكيف جديدة قائمة , يقوم الإنبوب العضلي المستحدث بتطوير نفسه ليصبح ليف عضلي جديد .

كما هناك بحوث أثبتت الزيادة العددية وكذلك التضخم العضلي وأكدت على أنهما المسؤولان عن زيادة سمك المقطع العرضي للعضلة . وفي جميع الأحوال يبدوا أن زيادة عدد الألياف عملية ليست شائعة في بحوث أغلبية العلماء بعد , ونتائج هذه العملية محدودة جداً , ومن الناحية العملية غير مهمة كثيراً أي يمكننا إهمالها وعدم الإعتماد عليها أو توقعها في تدريبات القوة العضلية بشكل عام . وأن الزيادة في سمك المقطع العرضي للعضلة سوف يحصل وبشكل مؤكد جراء زيادة سمك كل ليف من الألياف العضلية وليس جراء الزيادة في عددها والتي يحصل من إنشطارها . ثم ذكر زاتسوريسكي…( Zatsiorsky : 1996) بأن الأشخاص الذين يمتلكون ألياف عضلية كبيرة العدد ودقيقة السمك أي رقيقة , يمتلكون الإستعداد التشريحي والفسيولوجي الأفضل لتحقيق نتائج جيدة في رياضة رفع الأثقال أو بناء الأجسام بعد التدريب مقارنة بالأشخاص الذين يمتلكون أعداد أقل من الألياف في عضلاتهم من أقرانهم , وذلك لأن زيادة سمك الألياف بالعضلات الأكثر تعدداً لدى الأشخاص سوف يقود إلى حصولهم على مستويات تضخم أكبر بعد التدريب , وسوف يزداد سمك تلك الألياف أكثر من زيادة عددها .

5) المنشطات والتضخم العضلي Doping and Hypertrophy:

أن مصطلح تنشيط (Doping) يرجع الى اللغة العامية المتداولة بين بعض قبائل جنوب شرق القارة الأفريقية منذ أمد بعيد , حيث كان يصطلح بدوب على المسكرات والمخدرات القوية التي كانت تستخدم من قبل أفراد تلك القبائل في إحتفالاتهم الدينية الشهيرة بهدف مقاومة التعب الحاصل خلال الرقصات الدينية التي كانت تستغرق وقتاً طويلاً . وبعد فترة من الزمن إنتقل مصطلح دوب Dop إلى انكلترا , حيث تم إستخدام بعض الأعشاب والمستحضرات في أول الأمر بهدف تنشيط الجياد للسباقات … ( محمد عثمان : 1990 ). وفي عام 1889م ظهرت كلمة دوب Dop ولأول مرة في القاموس الإنكليزي … ( داين ايك : 1986 ) . حيث عرفها بأنها عبارة عن خليط من المواد المخدرة والمستخدمة مع جياد السباق . وبعد مرور عدة سنوات تم تعميم هذا المصطلح على جميع المواد المنبهة والتي إزداد إستخدامها تدريجياً لتنتقل من الجياد إلى الكلاب ثم أخيراً إلى الإنسان .

لقد إزداد إستخدام المواد والعقاقير المنشطة بين الجنود أثناء الحرب العالمية الثانية , ثم إنتقل إستخدامها بعد الحرب للمجال الرياضي . لقد إستخدمت العقاقير والمواد المنشطة بشكل واسع بين الرياضيين والرياضيات بعد الحرب العالمية الثانية إستعداداً للدورات الأولمبية والبطولات العالمية . بعد تعدد حالات الوفات بين الرياضيين بسبب تعاطي جرعات عالية من هذه المنشطات , وظهور أعراضها السلبية الجانبية الكثيرة , قامت اللجنة الأولمبية الدولية بمنع أو حضر إستخدامها في البطولات والسباقات والألعاب الأولمبية عام 1976م , وعممت هذا الحضر على جميع الإتحادات الرياضية والوطنية ووضعت القوانين الخاصة بمعاقبة الرياضيين المتعاطين لها .

لقد قام العديد من العلماء والباحثين بإجراء التجارب والبحوث العلمية لمعرفة تأثيرات تلك العقاقير والمنشطات ومنذ بدايات القرن الماضي . لقد تمكن كل من كوشكيان وشتيتنر …

( Kochkian,Stettner ; 1938 ) من إثبات وجود زيادة في حجم الألياف العضلية وبالتالي زيادة بمستوى القوة لدى كلاب البحر بعد معالجتهم بالهورمونات الذكرية , وأكد بأن المعالجة بالهورمونات تسببت في الزيادة في أيض البروتينات بالجسم .

كما توصل العالم الألماني هيتنكر …( Hettinger :1940 ) إلى زيادة ملحوظة في القوة العضلية بعد المعالجة بالهورمون الذكري ( Testosterone ) لدى المرضى الذين يعانون من سوء التغذية ونقص الوزن .

كما قام ويدرا … ( Wydra : 1972 ) بتجربة على الفئران لأجل الوقوف على تأثير إستخدام الهورمونات على الجهاز العضلي , حيث كانت العينة مكونة من 139 فأراً , قسمها إلى 4 مجاميع , حيث خضعت المجموعة الأولى لتدريبات الجري لمدة ساعة يومياً , وخضعت المجموعة الثانية لنفس البرنامج السابق للجري ساعة يومياً إضافة إلى حقنها بهورمون (الأنابوليك) بحجم 1,65 ملجم لكل 1 كجم . أما المجموعة الثالثة فقد تم حقنها بالأنابوليك فقط بدون تدريب , بينما كانت المجموعة الرابعةعبارة عن مجموعة ضابطة . لقد إستمرت فترة التجربة 30 يوماً , وكانت النتائج مؤكدة تماماً لفاعلية إستخدام هورمون ( الأنابوليك ) وتأثيره الإيجابي على زيادة حجم المجاميع العضلية المختلفة . كما ثبت للباحث وجود زيادة بالمقطع العرضي لكل من العضلات ذات الرأسين العضدية , وعضلات الفخذ الرباعية سواء تحت تأثير التدريب أو تحت تأثير الحقن بالهومون وبدون تدريب . أي أن الزيادة بالمقطع العرضي لم يتوقف على التدريب فقط وإنما تأثرت العضلات إيجابياً بمفعول الهورمون , كما لم يجد تغيير في عدد الألياف ولكن الزيادة طرأت في حجم الليف العضلي ثم العضلات كاملة .

كما أجرى هيتنكر تجربة علمية إستهدف خلالها التأثير الناتج عن إستخدام الهورمون الذكري ( Testosterone ) على قوة بعض المجاميع العضلية بالتدريب … ( Hettinger : 1960 ) ومثيلاتها من العضلات بالتدريب وبدون حقن الهورمون . حيث إختار الباحث عينة بحثه من الأفراد المختلفين بالعمر , وقسمها إلى مجموعتين , الأولى بمتوسط عمر = 30 سنة , والثانية بمتوسط عمر = 80 سنة . لقد جاءت نتائج هذه التجربة مؤكدة على زيادة معدل القوة بإستخدام الهورمون الذكري مع التدريب ولكلا المجموعتين الشباب والكبار .

وفي تجارب أخرى مماثلة وجد شتاينباخ ( Steinbach : 1968 ) فروقاً معنوية بين عملية التدريب بإستخدام هورمون (الأنابوليك) البنائي مع عدم إستخدامه , واثبت بأن إستخدام هذا الهورمون له تأثير أكبر على القوة العضلية .

وهذه التجارب رافقت عمليات التعاطي للمنشطات ومنها الهورمونات البنائية الأنابولية مما إنتشرت ثقافة تعاطيها في منتصف القرن الماضي وحتى ظهور قانون حضرها من قبل اللجنة الأولمبية الدولية . لقد عرفت المنشطات بأنها تلك المواد الصناعية التي يتم إستخدامها بهدف محاولة رفع المستوى البدني للرياضي بالإستعانة بالوسائل غير الطبيعية. كما عرفت اللجنة الأولمبية الدولية عن طريق لجنتها الطبية المنشطات بالمواد التي تضمنت عليها لائحة اللجنة الأولمبية الدولية عام 1976 , وطالبت بتحريم إستخدامها بالمجال الرياضي وإحتوت على المواد التالية … ( محمد عثمان : 1990 ) :

1- المواد التي تعمل على تنشيط ورفع الإثارة النفس- حركية مثل ( الامفيتامين ) .

2- المواد التي تعمل على تنشيط الجهاز السمبثاوي مثل ( الإفديرين ) .

3- مثيرات الجهاز العصبي المركزي مثل ( الكورامين , الإستركنين ) .

4- المواد المخدرة التي تساعد على فقدان الإحساس بالألم مثل ( الكودايين ) .

5- الإستيرويدات البنائية للعضلات وهي هورمونات ( النابوليك , الميثاندينون ) .

لقد تم إضافة عملية نقل الدم المؤكسد بالحجم الكبير لكريات الدم الحمراء أي حجم كبير لهيموكلوبين كريات الدم الحمراء كمنشط أيضاً . وخلاصة لموضوع المنشطات وهي النوع الأخير اي الهورمونات البنائية ( الأنابولية الإسترويدية ) , لقد أثبتت التجارب العلمية قبل طرق تطور وسائل الكشف عنها والتي ساعدت كثيرأ من الحد من إستخدامها , تناول الكثير من الرياضيين بألعاب المضمار والميدان ورفع الأثقال والمصارعة والجودوا والملاكمة والدراجات والسباحة والتجذيف وحتى الألعاب الفرقية وخاصة المحترفين منهم هذه الهورمونات رغم تسببها بالكثير من الأعراض الجانبية المرضية .

كما طورت شركات الأدوية والعقاقير الطبية كثير من الأدوية والعقاقير المنشطة والتي تحمل أسماء مختلفة للأنابوليك على سبيل المثال بغية تقليل تأثيراتها الجانبية الكثيرة منها ..( تستيرون , دينابول , برينموبولان , ديكادايولين , بزوفيرون , شترونا ) , وذلك لأجل زيادة سمك المقطع الفسيولوجي للعضلة للمجاميع العضلية المختلفة ومن ثم زيادة القوة العضلية بشكل أعلى وأسرع من الوضع الطبيعي للتدريب العضلي . أما عن أهم الأعراض الجانبية لتعاطي المنشطات فهي : أمراض الكبد , أمراض الكلى , إضطرابات المعدة والأمعاء , الإضطرابات النفسية , تساقط الشعر , الإضطرابات الجنسية والعقم , إضطرابت وظائف الغدد الصماء , الولادات غير الطبيعية لدى النساء وظهور الشعر بالوجه , ضمور الصدر , تضخم الصوت , فقدان الرغبة الجنسية , وغيرها .

6) المراجع والمصادر المستخدمة References:

1- أثير محمد صبري : بعض المتغيرات الفسيولوجية والأنثروبومترية للعضلة الهيكلية وعلاقتها بتدريب القوة القصوى الثابتة والمتحركة , رسالة دكتوراه غير منشورة , جامعة بغداد 1991 .

2- عبد علي نصيف , قاسم حسن حسين : تدريب القوة , ترجمة , الدار العربية للطباعة , بغداد 1978 .

3- محمد عثمان : موسوعة ألعاب القوى , دار القلم , الكويت 1990 .

4- Berne R. , Levy M. :Physiology , 2 ed. , The C.V.Mosby Company , St Louis 1988 .

5- Fox E. , Bowers R. ,Foss M. : The Physiological Basis of Physical Education and athletics > 4 ed. , Saunders College Publishing , 1988.

6- Grosser M. , Starischka S. , Zimmermann E. : Das neue Konditionstraining , BLV Buchverlag , Munchen , 2008 .

7- Grosser M. , Starischka S. , Zimmermann E. : Konditionstraining , BLV Sportwissen , Munchen , 1989 .

8- Hollman W. , Hettinger T. : Das Exentrische Krafttraining und sein einfluss auf die Muskelkraft . Sportarzt und Sportmedizin , 9 344 .

9- Hollmann W. , Hettinger T. : Sportmedizin . Arbeit und Trainingsgrundlagen . Stuttgart . New York , 1980 .

10- Holtke V. : Grundlagen und Prinzipien des sportlischen Trainings , Ludenscheid-Hellersen , 2003 .

11- Hettinger T. : Isometrisches Muskeltraining , 4 auf. , Georg Thieme Verlag , Stuttgard 1972 .

12- Jakowlew N. : Sportbiochemie , Leipzig , 1977 .

13- Reitsma W. : Some structural changes in skeletalmuscles of the rat after intensive training , Acta neerl , Morph. 7 , 314 – 229 .

14- ( Wikipedia Encyclopedia , English : 2010 )

15- Zatsiorsky V. : Krafttraining . Praxis und Wissenschaft . Achen , 1996 .