مشاهدة مشاركة واحدة (من مجموع 1)
  • الكاتب
    المشاركات
  • #1205

    الإدارة العلمية كما قد يـفهمها البعض وكما يشير الاسم، لا تعني استخدام العلم بمعناه الحرفي في الإدارة ولكنها تعني استخدام أسس علمية مدروسة لتطوير ممارسة إدارية ضد العشوائية والتسيب والصدفة وترك الحبل على الغارب. والآخذ بالأساليب العلمية المتطورة عند اتخاذ القرارات ومعالجة المشاكل الإدارية المستعصية هي الركيزة التي أوصلت الغرب واليابان إلى ما هم عليه اليوم من ازدهار ورفاهية وتقدم صناعي لا يبارى . فالغرب تمكن من توظيف الأساليب العلمية للتحكم في نتائج الثورة الصناعية وتوجيهها التوجه الصحيح حتى أتت آكلها ، فعملت المصانع وازدهرت فأصبحت الأمة تأكل ما تـنـتج وتلبس ما تصنع فاكتملت دورة الإنتاج
    الاستهلاك واصبح الدخل القومي ينمو نمواً فائقاً أوصل هذه المجتمعات إلي قمة الحضارة الحديثة. أما اليابان فقد نجحت نجاحا منقطع النظير لأنها وظفت الأساليب العلمية المدروسة في غالبية مجالات العمل من القيادة والتدريب و التسويق إلى الإنتاج المخزون والنقل فأصبحت هناك مفاهيم إنتاجية وتسويقية وتنظيمية خاصة باليابان ساعد تطبيقها على تحقيق الثورة اليابانية الهائلة التي نشاهدها عياناً بياناً.
    قد تكون العلاقة ما بين الإدارة العلمية والثورة الصناعية كالعلاقة بين الدجاجة والبيضة لا أحد يدري من أتى أولا ولكن من المسلمات في التاريخ الإداري أن النهضة الصناعية الكبرى التي عاشها الغرب كانت مدفوعة ومدعومة بأساسيات عرفت أول مرة مع بروز ما يسمى بالإدارة العلمية . فالثورة الصناعية حدثت بسبب الاستفادة من اختراعات وتقنيات وتطورات فنية حصلت في تخصصات مختلفة كالفيزياء والاتصالات والهندسة الميكانيكية وغيرها أما استمرار المسيرة الصناعية ونضوجها وتوسعها حتى وصلت إلي قمة المجد والحضارة الصناعية في منتصف هذا القرن فقد تمت على أكتاف الإدارة وخاصة الإدارة العلمية . إغفال الأسس العلمية للإدارة في السابق قد يجد له مبررات معقولة حيث الطلب المتزايد و السوق الناشئ و المستهلك المندفع. و لكن في أيامنا هذه الوضع مختلف تماماً. فالطلب يتجه نحو التقلص و السوق نحو (الزحمة) و المستهلك تحول إلى مشتري متردد و متسائل، و لن تكون نظرة متطرفة إذا توقعنا أن يكون مستهلك رشيد يوازن التكاليف الحدية مع المنفعة الحدية و يشتري بأسلوب علمي و اقتصادي و يهتم بمعادلة السعر/الجودة و هذه صفات لم تكن موجودة في عصر الطفرة و البتر ودولار. اليوم و مع تهديدات العولمة و تطورات التـقنـية الإلكترونية سيصبح الأسلوب العلمي حـتمية في التسويق و الإنتاج و التـنظيم و أداره العناصر البشرية. لذا، يجب على الشركات الوطنية أن تنمي قدراتها في هذا المجال و أن تعمل بشكل جدي على الاستفادة من أسس القرار العلمي في الإدارة. و هذا المطلب ليس دعوة إلى اكتـشاف نظريات جديدة في الإدارة فالأسلوب العلمي حقيقة موجودة و يسهل الوصول أليها، نحن فقط بحاجة إلى الركض. الجامعات السعودية مثلاً تملك القدرة على تخريج طاقات وطنية من الممكن أن تساعد الشركات على تصميم نظم علمية لإدارة عملياتها و وظائفها المختلفة. و خريجو أقسام بحوث العمليات و الأساليب الكمية و أداره الأعمال و الاقتصاد لديهم القدرة العلمية إن وجدوا التـشجيع و الفرصة.
    و لكن لدينا أضحى وضع الشخص الغير مناسب في المكان الغير مناسب ظاهرة مستفحلة بفعل الواسطات و المحسوبيات. و إلا ما الذي يجعل خريج المكتبات، مثلاً، يعمل في إدارة الإنتاج في مصنع منـظفات، وعند العرب كله صابون!! التأسيس العلمي للإدارة سيفيد في ترشيد الاستهلاك و تقليص التكاليف لدى الشركات الوطنية لأنه يطور معادلات بسيطة تصور الوضع المعقد للشركة و من هنا يسهل استـنتاج الطرق المؤدية إلى زيادة الأرباح أو خفض التكاليف. فمثلاً في الإدارة بالأسلوب العلمي ستخـتفي و إلي الأبد ظاهرة إعلانات الموضة التي تظهر بين الفيـنة و الأخرى بناء علي رغبة شخصية أو مزاجية مسيطرة أو تقليد أعمى.
    الإعلان في الأسلوب العلمي يسعى إلي تعظيم الفائدة (optimization) بتحقيق توازن مدروس للنواحي الاستراتيجية و الاقتصادية لـينـتج ( صيغة ) إعلانية توازن بين التكلفة و احتمالات الإقبال الاستهلاكي (الشراء) وتكون مدروسة وقتاً و أسلوباً بحيث تحقق الهدف المرجو بأسلوب علمي و ليس بطريقة عشوائية قد تصيب و قد تخطئ.

    المصدر : http://www.dr-alotaibi.com/sedarah.htm

مشاهدة مشاركة واحدة (من مجموع 1)
  • يجب تسجيل الدخول للرد على هذا الموضوع.